للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن خالفكم فأنتم وما تحملتم من ذلك! وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه من الآن فدعوه! فقالوا: قد سمعنا ما قلتن فتكلم يا رسول الله وخذ لنفسك وربك ما أحببت! فتكلم صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون نساءكم وأبناءكم! فأخذ الباء بن معرور بيده ثم قال والذي بعثك بالحق! لنمنعك مما تمنع به أزرنا فنحن والله أهل الحرب! فقال الهيثم بن التيهان: يا رسول الله! إن بيننا وبين الناس حبالًا وإنا قاطعوها - يعني اليهود- فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع على قومك فتبسم صلى الله عليه وسلم ثم قال: الدم الدم والهدم والهدم! أنتم مني وأنا منكم! أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم! فبايعناه، فقال ابن عبادة: والذي بعثك بالحق! لئن شئت لنميلن غدًا على أهل مني بأسيافنا، فقال صلى الله عليه وسلم: لم نؤمر به فانصرفوا، فأمر صلى الله عليه ولم أصحابه بالخروج إلى المدينة، فخرجوا أرسالا، وكان أول من هاجر من قريش أبو سلمة وكان قدم من الحبشة، ثم عامر بن ربيعة، ثم عبد الله بن جحش، ثم عمر بن الخطاب وعياش بن ربيعة وغيرهم، وما بقي في مكة إلا حبس أو فتن إلا على بن أبي طالب، وكان أبو بكر كثيرًا يستأذنه في الخروج فيقول: لا تعجل، لعل الله أن يجعل لك صاحبًا.

[رابعة عشرة] وفي الرابعة عشرة أراد أبو بكر الخروج نحو الحبشة لشدة إيذائهم حتى إذا بلغ برك الغماد لقي ابن الدغنة سيد القارة فقال: أين تريد؟ قال: أخرجني قومي، قال: مثلك لا يخرج، إنك تكسب المعدوم - وكذا، فأنا لك! ارجع فاعبد ربك ببلدك، فرجع، فطاف ابن الدغنة في أشراف قريش طلبًا للأمان له، فاشترطوا أن لا يستعلن بالقرآن، فأنا نخاف فتنة نسائنا وأبنائنا! فابتنى أبو بكر مسجدًا بفناء داره وكان يقرأ، فتنقذف عليه نساؤهم وأبناؤهم يعجبون منه، وكان بكاء إذا قرأ، فأفزع أشراف قريش فقالوا لابن الدغنة: إن أبا بكر خالف شرطه فمره أن

<<  <  ج: ص:  >  >>