للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمضي عليه أو يرد إليك ذمتك! فبلغه ابن الدغنة قولهم فقال: أرد إلي جوارك وأرضي بجوار الله! فتجهز قبل المدينة، فقال صلى الله عليه وسلم: على رسلك! فإني أرجو الإذن، فحبس نفسه وعلف راحلتين أربعة أشهر، فلما رأت قريش أنه صارت له شيعة وأصحاب بغير بلدهم وأصابوا منعة، حذروا خروجه وعرفوا عزمه اللحوق بهم، فاجتعوا فيدار الندوة يتشاورون في أمره، واجتمع إبليس في صورة شيخ نجدي معهم، فقال بعض: قد صار من أمره ما صار وإنا لا نأمنه أن يثب علينا بمن قد اتبعه، فاحبسوه في الحديد وتربصوا موته، فقال الشيخ النجدي: ما هذا برأي! فإنكم لو حبستموه يثب أصحابه وينتزعون من أيديكمن فقيل: نخرجه من بلدنا وتنفيه منه، فقال النجدي: ألم تروا حسن حديثه وغلبته به على القلوب! فإنه لو نفيتم يحل على حي من العرب ثم يسير بهم عليكم حتى يطأكم، فقال أبو جهل: نأخذ من كل قبيلة جلدًا فيقتلونه ضربة رجل واحد، فيتفرق دمه في كل القبائل، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، فقال النجدي: القول ما قال هذا! فأوحى إليه أن لا يبيت الليلة على فراشه، فقال لعلي: نم على فراشي واتشح ببردتي، فاجتمعوا على بابه بالعتمة، فخرج صلى الله عليه وسلم وأخذ بحفنة من تراب ونثر على رؤسهم وهو يقرأ "يس- إلى: وجعلنا من بين أيديهم سدًا" وانصرف حتى لحق بالغار، ولم يشعروا حتى أتاهم آت وقال: ما تنتظرون! فإن محمدًا قد خرج وانطلق، فاطلعوا فرأوا عليًا على فراشه فقالوا: هذا محمد نائم! فلم يبرحوا ذلك حتى أصبحوا، فقام علي عن الفراش، فضربوه وحبسوه ساعة ثم تركوه واقتصوا أثره، فنزل "وإذ يمكر بك الذين كفروا"؛ وروى عن عائشة: بينا نحن جلوس في بيت أبي بكر وقت الظهيرة غذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أذن لي في الخروج، قال أبو بكر: الصحبة! قال: نعم، قال: فخذ إحدى راحلتي، قال صلى الله عليه وسلم: بالثمن! فتجهزنا لهما أخف الجهاز ووضعنا لهما سفرة في جراب، فخرجا من خوخة في ظهر بيته ليلة الاثنين في السابع

<<  <  ج: ص:  >  >>