الهجرة وبنى بها مرجعه من بدر، والأول أصح، وكانت بنت ثمان عشرة، وولد الحين في شعبان سنة أربع. وفيها حولت القبلة إلى الكعبة للنصف من شعبان بعد ما صلى ركعتي الهر في مسجد القبلتين، وقيل: للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرًا، وكان وجه على بيت المقدس حين هاجر. وفيها بناء مسجد قباء. وفي شعبانها نزلت فريضة رمضان وصدقة الفطر. وفيها صلى صلاة العيد. وولد عبد الله بن الزبير بعد الهجرة بعشرين شهرًا. وفيها غزاة بدر الكبرى صبيحة سبعة عشر من رمضان أو تسعة عشر منه، وذلك أنه سمع بأبي سفيان مقبلًا من الشام بعير فيها أموالهم، فندب المسلمين إليها، فخف بعض وثقل آخرون، ظنوا أنه لا يلقى حربًان ولما سمع أبو سفيان بخروجه أرسل على مكة يستنفرهم إلى اموالهم، فخرجوا مسرعين ونزل "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم"، فخرج يوم السبت لإثني عشر من رمضان، واستخلف على المدينة عمرو بن أم مكتوم، وكان الإبل معه سبعين، والخيل فرسين، الدروع ستة، والسيف ثمانية، والمسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر: من المهاجرين سبعة وسبعون، ومن الأنصار مائتان وستة وثلاثون، والمشركون تسعمائة وخمسون مقاتلا، وكان خيلهم مائة، فدخل صلى الله عليه وسلم مع الصديق العريش واستنصر ربه فبشر بالوحي، فخرج وحرض على القتال، وأخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشًا وقال: شاهت الوجوه! وقال: شدوان فانهزموا فقتل منهم سبعون وأسر سبعون، واستشهد من الأنصار ثمانية ومن غيرهم خمسة، وقسم الغنائم، وتنفل صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار وغنم جمل أبي جهل، وبعثت زينب بقلادة في فداء زوجها أبي العاص، فخلاه ورد قلادته وشرط أن يخلي زينب فوفى به، ثم خرج أبو العاص تاجرًا قبيل الفتح فلقيه سرية النبي صلى الله عليه وسلم فأصابوا ما معه، وهرب على زينب فأجارته، فأمر للسرية برد أمواله، فذهب على مكة وأدى أموالهم ثم أسلم وهاجر، فرد النبي صلى الله عليه وسلم زينب بالنكاح الأول بعد ست سنين.