للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستنفر قريشًا إلى حرب المسلمين وقالوا: إنا سنكون معكم حتى نستأصلهم، ودعوا غطفان، فنشطت قريش للقتال ونزلوا قريبًا من المدينة، فأشار سلمان إلى حفر الخندق، وكانوا عشرة آلاف، وخرج صلى الله عليه وسلم لثامن ذي القعدة في ثلاثة آلاف فضربوا عسكرهم والخندق بين بين، وكان كعب بن أسد وادع النبي صلى الله عليه وسلم على قومه فخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري إليه وألح عليه في نقض العهد، فقال كعب: دعني ومحمدا فلم أر منه إلا صدقًا ووفاء، فقال: يا كعب! والله جئتك بعز الدهر وببحر طام بقريش قد عاهدوني أن لا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدًا ومن معه! فقال كعب: والله جئتني بذل الدهر! فألح حتى نقض العهد، فاشتد الخوف من كل جانب، وظن المؤمنون كل ظن، ونجن النفاق من المنافقين، ومر على ذلك أربعة وعشرون يومًا ولم يكن حرب إلا الرمي بالنبل، ورمي سعد بن معاذ بالأكحل، فلما اشتد ذلك أتى نعيم بن مسعود بن عامر فقال: يا رسول الله! إني أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، قال: خذل عنا إن استطعت! فإن الحرب خدعة، فأتى قريظة فقال: يا بني قريظة! إن قريشًا وغطفان بغير بلدكم، به نساؤهم وذرياتهم، فإن انهزموا رجعوا إليه وخلوا بينكم وبين الرجل لا طاقة لكم به، فلا تقاتلوا حتى تأخذوا رهنًا من أشراف قريش وغطفان يكونون بأيديكم ثقة لكم، ثم أتي نعيم قريشًا فقال: يا معشر قريش! إن اليهود ندموا على ما صنعوا وأرسلوا بالندامة إلى محمد، وبأنهم يأخذون من قريش وغطفان رجالًا من أشرافهم فيعطونهم إياه؛ ثم أتى غطفان وقال لهم مثل ذلك، فاستوحش كل فريق عن صاحبه بسبب ذلك، وصبت ريح شديد لا يترك قدرًا ولا نارًا، ففزعوا وفروا والحمد لله! وقتل من المسلمين ستة ومن المشركين ثلاثة، فانصرفوا إلى المدينة ووضعوا السلاح، فنزل جبرئيل وأمر بالسير إلى بني قريظة وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>