وقالا لي ما قالا، فألحا وكلمته أم سلمة فيهما فأذن لهما فأسلما؛ وبعث قريش أبا سفيان ابن الحرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار، فلقي العباس يمر الظهران أبا سفيان فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ونهى صلى الله عليه وسلم عن القتال، وأمر بقتل ستة رجال وأربع نسوة: عكرمة بن أبي جهل، فاستأمنت له امرأته أم حكيم بنت الحارث وأسلمت فجاءت به، فأسلم وجاهد حتى قتل في خلافة الصديق يوم أجنادين، وهند بنت عتبة فأسلمت وقريبة فأسلمت وقتل غيرهم، ولم يلقوا قتالًا إلا فوج خالد بن الوليد، فإنه لقيه صفوان بن أمة وسهيل بن عمرو وعكرمة فاقتتلوا، فقتل ثمانية وعشرون منهم ورجلان من المسلمين، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم المسجد جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة فقال: هلا تركت الشيخ حتى أتيه! فأجلسه ومسح صدره فأسلم، وكان الفتح لعشرين من رمضان، فأقام بها خمس عشرة ليلة يبعث السرايا حول مكة، فبعث خالدًا إلى أسفل تهامة داعيًا لا مقاتلًا فقاتل، فعتبه وودى قتلاهم ورد أموالهم، ثم بعثه في ثلاثين إلى عزى فعلق سدنتها السيف على عزى وفروا قائلين:
أيا عز شدى شدة لا سوى لها ... على خالد ألقى القناع وشمرى
أيا عز إن لم تقتل المرء خالد ... فبوئي بإثم عاجل أوتنصري
فهدمها خالد؛ وبعث عمرو بن العاص إلى سواع صنم، وبعث سعد بن فيروز إلى مناة، فهدماهما، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لعاشر شوال في إثني عشر ألفًا من أهل المدينة وألفين من الطلقاء، وقيل: لن نغلب اليوم من قلة! فساءه صلى الله عليه وسلم فابتلوا بالهزيمة، فتكلم جفاة أهل مكة بما في أنفسهم فقال أبو سفيان: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وقائل يقول: ألا! بطل السحر - ونحو ذلك، فاستنصر صلى الله عليه وسلم ورمى حصيات، فانهزم المشركون. فبعث أبا عامر بجيش إلى أوطاس، فقتل دريد وسبى عيالهم، واغتنموا ستة آلاف سبي، وأربعة وعشرين ألف بعير، والغنم أكثر من أربعين ألفًا، وأربعة آلاف أوقية من فضة، كان في السبي الشيماء بنت الحارث أخته الرضاعية فأكرمها، فرجع إلى أهلها ثم أتى الطائف فحاصرهم ثمانية