"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" أي تصيب الظالم وغيره، وسئل صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال: نعم، إذا كثر الخبث، وقد أهلكت أقوام بالذنوب وفيهم الصبيان، وفي الكتب المنزلة: أنا الله الغيور آخذ الأبناء بذنوب الآباء، وروي أن الحبارى تموت في وكرها بظلم الظالم، وقد قحط مضر بدعائه صلى الله عليه وسلم فعم أصحابه حتى شدوا الحجارة على البطون من الجوع، وقد نشاهد من المدن أصابتهم الرجفة وفيهم البر والفاجر والأطفال. ز: أقول: قوله "ولا تزر وازرة وزر أخرى" محكم لا مجال للتأويل والتخصيص في مدلوله، وأما تعميم تعذيب غير الظالم فبسبب المداهنة وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك ذنب مستقل، وكذا ح: نعم إذا كثر الخبث، فإن الأقلين إما إن منعوهم عن الظلم على ما استطاعوا أو داهنوهم، وعلى الثاني تعذيبهم بترك النهي، وعلى الأول يكون تعذيبهم من قبيل الابتلاء الذي يبتلي به عباده، فإما أن يصبروا فيوفون أجورهم بغير حساب أو يرضوا فلهم الرضا أو يسخطوا فعليهم سخط الله، وأما تعذيب الأطفال فلعله لرفع درجاتهم في الآخرة، كما يبتلى صغار المسلمين بأنواع الأمر لرفع درجاتهم ودرجات آبائهم وتكفير سيئاتهم، فإن في الجنة درجات لا ينال بكثرة الأعمال وإنما ينال بالصبر على البلاء والأمراض، وأما أخذ الأبناء بذنوب الآباء فلعله في شريعة بعض من قبلنا أو مأول بمثل ما مر، وأما ح الحبارى فموتها ليس من قبيل التعذيب بل من باب إهلاك أمة لحكمة تقتضيه فإنها غير مكلفة حتى تعاقب - والله أعلم. تو: {إلا تنفروا "يعذبكم"} - إلخ فأمسك عنهم المطر وكان عذابهم، أي تبين به أن العذاب الموعود أريد به إمساكه أو كان الإمساك ما صدق به العذاب الموعود، ولا يلائم هذا الحديث الباب. ما: لو أن الله عذب أهل السماوات والأرض "لعذبهم" وهو غير ظالم، لأن أعماله وإن وقعت على وجه مرضي فهي لا يقاوم نعمه بل وقعت في مقابلة يسير منها وبقيت بقيتها مقتضية لشكرها فلو عذبه لعذبه وهو غير ظالم ولو رحمه لكانت رحمته خيرًا له من عمله.