"يحشر" الناس على طرائق، هذا الحشر في آخر الدنيا قبل القيامة لما في الأخرى: إنكم ملاقو الله مشاة، ولما فيه من ذكر الصباح والمساء وانتقال النار معهم وهي نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وطرائق أي فرق، ثلاث عشر على بعير أي يعتقبون البعير الواحد ويتناوبون في ركوبه، الفرقة الأولى الراغبون وهم السابقون، والثانية الراهبون وهم عامة المؤمنين، والثالثة الكفار أهل النار وهم يمشون على أقدامهم، واثنان على بعير للراغبين، والعشرة على بعير للراهبين، أو الركوب للراغبين، والراهبون مشاة، أو الفرق الثلاث هم الذين في النار أي الكفار، والراكبون هم السابقون المخلصون، والذين هم بين الخوف من دخول النار والرجاء بالخلاص منه راهبون وراغبون، وفي حاشية المصابيح: نار تسوق الناس إلى المحشر، فإن قيل: النار من حيث أنها من أشراطها تتقدم عليها والحشر بعد قيامها، قت: لعلها تخرج أولاً وتبقى حتى تقوم الساعة ثم تسوق أهل الشقاوة إلى المحشر وإلى النار. ط:"يحشر" الناس على ثلاث طوائف راغبين، قول من حمله على الحشر بعد البعث أقوى لأنه المفهوم في عرف الشرع إلا بدليل، ولأن حشر البقية إلى الشام بالتزام النار بحيث لا يفارقهم في مقيل ولا مبيت لم يرد به توقيف، ولم يكن لنا أن نقول بتسليط النار على أولى الشقوة في هذه الدار من غير توقيف، ولما روى: يحشر يوم القيامة ثلاثة أصناف، ولا ينافي بعث النار حفاة لأن إحداها حالة البعث من المنشر، والأخرى حالة السوق إلى المحشر، وهذا التقسيم هو المراد في "وكنتم أزواجاً ثلثة" وأجيب بأنا لا نسلم أنه حشر يوم القيامة، وإلا قيل: يحشر بقيتهم إلى النار لا يحشرهم النار، ولقوله: تقيل معهم، فإنه يدل أن النار ليست حقيقة بل نار الفتنة، ولأن هذه القيلولة والبيتوتة هي المرادة في قوله: سيكون هجرة بعد هجرة- إلى قوله: يحشرهم النار مع القردة تبيت معهم إذا باتوا، وورد: سيخرج نار من بحر حضرموت يحشر الناس، قال: عليكم بالشام، ومعنى راغباً رهباً أنه ورد على قصد الخلاص من الفتنة، فمن اغتنم الفرصة وسبق سار