المصرية، في حين ظلت س ر وجمهرة الشرقيين تعبد آلهتها وتتكلم بلغاتها وتجري على تقاليدها.
وكانت مصر، أصغر أجزاء تركة الإسكندر وأغناها، من نصيب أقدر قواده بطليموس (٣٠٥ - ٢٨٥) فعمل على ترقيتها زراعياً وصناعياً وتجارياً، وبسط سلطانها على شمالي برقة، وعلى فلسطين وفينيقيا وقبرص حيناً، وجعل الإسكندرية عاصمتها، وقد ضمت خليطاً من اليونان والإيطاليين والعرب والفينيقيين والفرس والإحباش، وأنشأ فيها المتحف والمكتبة (٢٩٠) وخلفه ابنه بطليموس الثاني (٢٨٥ - ٢٤٦) فجدد حفر الخليج القديم بين النيل وبين البحر الأحمر وابتنى قصر أنس الوجود في أسوان، وأقام منارة الإسكندرية (٢٧٩) وتزوج أخته على سنة الفراعنة (٢٧٦) وأتم المكتبة وأضاف إليها مكتبة أصغر منها، في معبد سرابيس، أربى عدد ملفاتها على ٥٣٢ ألفاً، واستقدم إلى الإسكندرية مشاهير الفلاسفة والعلماء والشعراء، ورجال الفن، وأغدق عليهم فعاشوا فيها وعرفوا بها، وأمر بترجمة التوراة من العبرية إلى اليونانية، وهي الترجمة السبعينية. وحمل مانيثون الكاهن المصري الأكبر (٢٨٠) على تصنيف حوليات مصر، فجمع الفراعنة في أسر مالكة، مازالت التقسيم المتبع حتى اليوم، وأخرج الشاعر هجسياس القوريني من الإسكندرية وقد أدت فصاحته، في تأييد نظرية الموت، إلى انتحار الكثيرين. واستولى بطليموس الثالث (٢٤٦ - ٢٢١) على سوريا وبني معبداً في أدفو، وأصلح التقويم المصري، وأمر بأن تودع مكتبة الإسكندرية جميع الكتب، ويعطى أصحابها صوراً منسوخة منها، واستعار من أثينة مخطوطات كبار مؤلفيها لقاء ضمان مالي ثم؛ احتفظ بأصولها وعوضها عنها نسخاً منها متنازلاً عن الضمان. وتعاقب البطالمة على مصر، وكان آخرهم كليوبطره (٤٧ - ٣٠) التي استمالت قيصر فأولدها قيصرون، وانتحر انطونيوس في سبيلها (٣١) ولما عجزت عن أوكتافيوس قتلت نفسها لئلا تكون زينة لمهرجانه.
وأضحت الإسكندرية في عهد أمناء مكتبها: زنودوتوس (٢٨٠) وأريستوفانس (٢٥٧ - ١٨٠) وأريستارخوس (١٤٥) وبفضل أساتذة متحفها وإقبال الطلاب