وجاء الإسلام فجمع شتيت العرب ووحد قواهم ومدهم بروح من لدنه، في حين دب الضعف إلى الإمبراطوريتين: الفارسية والبيزنطية من استمرار حروبهما وفداحة ضرائبهما والتنازع على عرشيهما، وضاق بهما نصارى الشرق الأدنى ووجدوا في المسلمين محرجاً فحمي بنو طيء المعبر لهم في وقعة الجسر. وأنجدهم بنو النمير، وقاتل بنو تغلب إلى جانبهم في وقعة البويت، وصالحهم أساقفة دمشق والقدس والإسكندرية من دون البيزنطيين فسقطت ممالك عظيمة الشأن رحبة المساحات وافرة الغنى عريقة الفن والأدب والعلم في أيدي المسلمين العرب. ثم في أيدي الذين اعتنقوا الإسلام من مختلف البلدان والقوميات واللغات بعد أن اتحدوا في الإسلام وتعلموا العربية لفهم آيات قرانه الكريم والحديث والفقه واتجهوا إلى مكة في صلواتهم وحجيجهم فكان هذا التلاقي بين الشرق وبين الغرب بالإسلام، أو بالجزية على من لم يسلم، هو الأول من نوعه في التاريخ.
[١ - الإمبراطورية الفارسية]
غزا العرب بالإسلام أطراف العراق، وكانت تحت الحكم الفارسي فيسر لهم اللخميون فتح الحيرة (٦٣٣) وساروا في ركابهم لقتال الفرس فهزمهم الفرس في وقعة الجسر (٦٣٤) وانتقموا لهزيمتهم في القادسية (٦٣٧) وبلغوا المدائن (٦٣٧) وأسسوا على شط العرب مدينة البصرة (٦٣٧) وبالقرب من الحيرة مدينة الكوفة (٦٣٨) ثم سقطت في أيديهم خوزستان (٦٤٠) والموصل (٦٤١) ونهاوند (٦٤١) ومناطق الساحل من بلوخستان (٦٤٣) واصطخر أعظم مدن فارس (٦٤٩) فأدالوا الإمبراطورية الفارسية وجعلوها جزءاً من الدولة الإسلامية، قسموه إلى ولايات تابعة لهم ولقبوا الفرس بالموالي، ورجعوا من المدائن وقد امتلأت أيديهم بالغنائم حتى