مغانم الفتح - وقد استولى النورمان على صقلية (١٠٦٠ - ١٠٩٠) وألفونسو السادس على طليطلة (١٠٨٥) وطفق يسترجع إسبانيا من المسلمين - وجنوي وبيزا في التجارة، بعد استيلائهما على ثغر المهدية (١٠٨٧) والمجرمون في التكفير عن ذنوبهم استجابة للحركة الكلونية الداعية إلى الحج للتوبة. وفي ذلك الجو عقد مجمع كليرمون (١٠٩٥) برئاسة أربانيوس الثاني وهو كلرني فرنسي، ودعا فيه بطرس الناسك، أحد الحجاح الذين لقوا الأذاة على يد السلاجقة، إلى الحرب الصليبية فأقره المجمع عليها وألفت في سبيلها ثماني حملات:
الحملة الأولى (١٠٩٦ - ١٠٩٩) وقد انقسمت إلى فصيلتين وانطلقت طليعتها قبل موعدها حتى إذا بلغت القسطنطينية ولم يعوضها الإمبراطور الكسيوس عما فقدته، نهبت كنائسها وقصورها وبيوتها فأمدها بالسفن والمؤن تخلصاً منها فعبرت إلى نيقية حيث خرجت عليها قوة من السلاجقة أبادتها عن بكرة أبيها. وقاد الثانية إظهار النبلاء: جودوفروا دي بويون، وأخوه بودوين، وبوهمند، وابن أخيه ريمون تانكرد - وليس بينهم ملوك فرنسا وإنجلترا وألمانيا إذ كانوا مطرودين من حظيرة الدين - فبلغت القسطنطينية (١٠٩٧) وعن لبوهمند الاستيلاء عليها لولا جودوفروا، في الوقت الذي كان الكسيوس يرشو قواد النبلاء للولاء له من دونهم، وسقطت في أيدي هذه الفصيلة: نيقية (١٠٩٧) والرها، وأنطاكية (١٠٩٨) والقدس (١٠٩٩) بعد حصار ٤٠ يوماً) فذبحوا من سكانها ٧٠ ألفاً وجمعوا اليهود في كنيس وأضرموا فيه النار، ثم بايعوا جودوفروا ملكاً عليها ورجع معظمهم إلى أوطانهم، وفر بطريرك القدس البيزنطي إلى قبرص، وأمن الملك الساحل بأسطول بيزا لقاء منحها حقوقاً في يافا فغضبت البندقية واستولى أسطولها على حيفا بعد شهر من وفاة الملك (١) وخلفه أخوه بودوين الأول (١١٠٠ - ١١١٨) ثم ابن عمه بودوين الثاني (١١١٨ - ١١٣١) تم بودوين الثالث فامتد فتح الساحل من قيصرية حتى طرابلس وشيدت القلاع والحصون، وضربت الجزية على دمشق وبعض المدن السورية، وأعيد إلى بيزنطية نصف أملاكها في آسيا الصغرى.
الحملة الثانية (١١٤٧ - ١١٤٩) وانقض عماد الدين زنكي على الرها