للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

العرب قبل الإسلام

كان العرب قبل الإسلام ممالك أثرت من حاصلاتها وصناعاتها واتساع تجارتها ثراء عريضاً أطمع فيها اليونان والرومان والأحباش والفرس فحالفتهم حيناً، رحمت حدودهم حيناً، واستقلت عنهم أحياناً ثم تحدتهم وساعدت على جلائهم عن الشرق الأدنى.

ومن أولئك العرب أهل حضارة وثقافة وفن، فتكلموا إلى جانب العربية الآرامية واليونانية واللاتينية، وشادوا المدن والهياكل والقصور، ورعوا العلماء والفلاسفة والأدباء وأصحاب الفنون، ونعموا بأطايب العيش مآكل ومشارب وملاهي، ثم خلدوا تراثهم منها بنقشه على الرقم ومسكوكات ملوكهم ومراكز ثقافتهم ودواوين شعرائهم.

[١ - اليمن]

وكان عرب اليمن، الذين عرفوا بالجنوبيين، أول من أنشأ الممالك فتداولها منهم: المعنيون (١٢٠٠ - ٦٥٠ ق. م) والسبئيون (٩٥٠ - ١١٥) والحميريون (١١٥ ق. م - ٥٢٥ م) وقد عبر بعضهم البحر الأحمر (القرن الثاني ق. م) إلى الحبشة فاستعمروها ونشروا ثقافتهم بين أهلها وتزوجوا منهم. وفي عهد الحميريين غضب قيصر أغسطس من سيطرة اليمن على التجارة بين مصر والهند وطمع فيها فجرد حملة عليها من مصر بقيادة واليها إيليوس جاليوس (٢٤ ق. م) يؤيدها الأنباط حلفاء رومة (١). ولما فشلت في فتحها - ويعزى فشلها إلى خيانة دليلها سيلاوس سفير الأنباط وأبي عبيدة ممثل ملكهم - أنفذ جيشاً رومانياً آخر استولى على عدن فأخذت التجارة بين مصر والهند تنتقل إلى يد رومة. وفتح الأحباش اليمن (٣٤٠ - ٣٧٨) واستعادها الحميريون ليفقدها ذو نواس آخر ملوكهم، وقد تهودوا، بعد أن


(١) وقد أرخ لهذه الحملة سترابو اليوناني، وهو أعظم الجغرافيين الأقدمين، صاحب كتاب الجغرافيا، في ١٧ جزءاً، صدر في ام ٧ ق. م مقتبساً بعضه من بوسيدونيوس الأفامي. Strabo,B.XVI

<<  <  ج: ص:  >  >>