بجنوي حتي عينته جامعتها أستاذاً للعربية فيها. وبلغت شهرته جامعة ليدن فاستقدمته أستاذاً لكرسيها السامي حتى وفاته (١٥٩٣ - ١٦٠٩) وقد ترك لها أول مخطوطاته. وكان سكاليجر في أثناء ذلك يتردد على أستاذه بوستل، ويعيش معه فترات، فعد وريثه في سعة معرفته باللغات، ومتفوقاً عليه بالعربية حتى أنه انتقده في مجموعته الأولى - وقد عنونها باسميهما وردّ قواعده إلى اللغة العربية العامية، وعمد هو إلى تحقيق الشبه بين العربية والعبرية في كتابه: رسائل. ولم يؤخذ بالصوفية الشرقية على غراره، أو يضع سعة معرفته باللغات في تفسير الدين مثله، بل قصد إلى تحقيق التاريخ تحقيقاً علمياً في كتابه الكبير: التصحيحات المعاصرة (١٥٨٢، والطبعة الثانية منقحة ومزيدة ١٥٩٨، والأخيرة ١٦٢٩) ومكنّته معرفته بالآرامية والسريانية والعربية من نقد ترجمة التوراة. وقد لجأ إلى مراسلة إغناطيوس البطريرك اليعقوبي وكان في رومه حتى ١٥٧٧، في أمر تلك الترجمة فأمده البطريرك بأسماء الحيوانات الإثني عشر، فأدمجها في تقويمه الشرقي الآسيوي باللغات السريانية والعربية والتركية والفارسية وغيرها. كما فعل بتقويم تلقاه من نابلس لعام ١٥٨٤، وتقويم لقس في الحبشة أرسله إليه أحد الإيطاليين بالقاهرة. ولم يذكر التقويم الإسلامي، على الرغم من اطلاعه على تقويم أبي معشر القبيسي، والجداول الألفونسية، لضعف مصادره، إلا من القرآن الذي لم يكن يمل من قراءته. ونقص المصادر في عهده، حال بينه وبين كتابة تاريخ الجاهلية عند العرب. وما زالت صورة سكاليجر وأمامه مخطوط عربي تزين قاعة مجلس الشيوخ في ليدن.
ولد في جوركوم، وتخرج باللاهوت من جامعة ليدن. ولما وقف على اللغات الشرقية، لصلتها بها، التحق بقسم سكاليجر فحبب إليه العربية، وحذا في الرحلات من أجلها حذوه، فارتحل إلى انجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في طلب كتبها ومخطوطاتها، والاختلاط بعرب المغرب الأقصى النازلين في مدنها. وعندما عاد إلى