اشتهرت قورينا، وهي أكبر مدن برقة، بمركزها الثقافي، وقد ولد فيها أرسطبوس، وتيودورس الرياضي، وتيودورس الفيلسوف (القرن الخامس ق. م) ثم الشاعر كليماخوس (المتوفى ٢٦٠ ق. م) أحد الشعراء الغنائيين التسعة في العالم يومذاك.
بيبلوس ترنتيوس أفر (١٨٤ - ١٥٩ ق. م) ولد في قرطاجنة من أصل فينيقي، واسترعى بمواهبه انتباه سيده الروماني فعلمه وأعتقه، فانصرف إلى تأليف المسرحيات: أندريا، وهسيرا، والمعذب نفسه، والحصى، وفورميو، والأخوة. وقد امتازت جميعها بحبكة متقنة، ودراسة للشخصيات دقيقة، وحوار ممتع، وطلاوة لغة، وطابع إنساني مما جعل بعضها يمثل مرتين في اليوم الواحد، وأصبح غيرها نموذجاً لما جاء بعدها كشخصية فيغارو، وتناقلت الأجيال في أنحاء العالم أبياتاً منها أمثالا: كالحظ يؤاتى الشجعان، ومن ثم كانت تلك العبرات إلخ. وقد أثنى قيصر على أسلوبه العفيف، ووصفه شيشرون بأرق شعراء الجمهورية، وعده النقاد الصائغ من اللغة اللاتينية أداة أدبية استطاع شيشرون أن ينشئ بها نثره وفرجيل شعره.
أبوليوس (المولود ١٢٤ م) تعلم في مدورا وقرطاجنة وأثينة. وتنقل من دين إلى دين، وتعاطى الطب والمحاماة بين مدورا وقرطاجنة، وألقى محاضرات في الفلسفة ومن خير مصنفاته فيها: الحمار الذهبي، ولما توفي رفعت له مدينته نصباً نقشت عليه باللاتينية: الفيلسوف الأفلاطوني.
ترتوليان (١٦٠ - ٢٤٠) القرطاجني ذو عبقرية فذة، وصاحب جدل في الدفاع عن النصرانية من الطراز الأول، وقد جعل الفلسفة المسيحية اللاتينية ديناً أخلاقياً قانونياً علمياً، وله فيها كتاب في النفس حاول أن يطبق على الدين أصول الرواقية، وهو واضع المبدأ القائل: لا طاعة لقانون يعتقده الإنسان ظالماً. وقد جعل مع منوسيوس الآداب المسيحية في الغرب لاتينية.
سيبريان (٢١٠ - ٢٥٨) من آباء الكنيسة اللاتنينية الأعلام، رفع أسقفيته قرطاجنة إلى درجة رومة (٢٥٢) ودعا إلى اللين في الدين وصنف كتاباً بعنوان: الكنيسة الكاثوليكية، وقد استشهد على يد الإمبراطور فالريان.