تعود الصلات بين سويسرا وبين الشرق إلى عبادة آلهة قدماء المصريين في بعض مناطقها أيام الرومان. وإلى أسطورة الفيلق الطبي الذي أرسله الرومان إليها، ثم أمره الإمبراطور مكسميان هرقل بقتل النصارى ولما لم يذعن الفيلق لأمره، لأن أفراده كانوا أيضاً نصارى من مصر، أمر الإمبراطور بقتلهم جميعا في أجونا (٢٨٥، ثم ٣٠٥).
ثم غزت جماعة من العرب بعض مناطق سويسرا (١) وأجليت عنها (٨٨٨ - ٩٧٥) وقد خلفت فيها ما دل على مرورها بها: كالنقش اللاتيني على مدخل كنيسة سان بيير مونجو في وادي أنترمون، وأسماء عربية في وادي الساس، وعلى بعض الأماكن: كقلعة العرب، ووهدة العرب، وطريق العرب، وجسر العرب وهي في أقاليم متفرقة منها. ثم بلغت سويسرا الشرق بحجاجها إلى الأراضي المقدسة وتعريجهم على دير سانت كاترين في جبل سينا، ولطالما زاره نبلاؤها ورسموا فرسانا عليه، كما نقش فون ديسباخ قاضي قضاة برن اسمه على إحدى قاعات الطعام فيه. وكذلك بلغت سويسرا الشرق باشتراكها في الحملات الصليبية.
وكانت بال من أسبق المدن إلى نشر ترجمات أمهات الكتب العربية باللاتينية كالقرآن الكريم، في ثلاثة أجزاء (١٥٤٣) وقبة الفلك لبطلي موس، بترجمة مسلمه المجريطي (١٥٦٩) وكتاب البصريات للخازن المزني (١٥٧٢) الخ كما نزل العالم العربي أبو زيد بجنيف فأطلقت إسمه على أحد شوارعها، وتردد عليه كبار المفكرين، وفي طليعتهم فولتير.
وفي حملة نابليون على مصر (١٧٩٨) اشتركت سويسرا فيها ببعض قوادها
(١) الفصل الثالث: فتوح الإسلام، ص ٥٧، ودي فيشير: في سبيل معرفة الصلات السويسرية المصرية، من نحو ١٠٠ سنة ميلادية إلى عام ١٩٤٩ (لشبونة ١٩٥٦).