وكان سفراء أوربا إلى الشرق، ولا سيما لدى الباب العالي، يستعينون، باديء بدء، بنصارى الدولة العثمانية مترجمين لهم مع الدول التي يمثلون دولهم فيها. ولما اتهم بعضهم بالتجسس عليها مرة وعلى النمسا أخرى، وأثرى منهم من أثرى وقتل الآخرون شنقاً أنشأت الإمبراطورة ماريا تيريزيا (١٧٤٠ - ١٧٨٠) مدرسة اللغات الشرقية في فيينا (١٧٥٣) للسفراء والقناصل والتجار والعلماء. وتوالى على إدارتها: جوزيف فرانز (١٧٥٣) وجوزيف نكرب (١٧٧٠) وهوك (١٧٨٥) ثم الكردينال روشر. وعلّم فيها أعلام المستشرقين، وبعض الشرقيين منهم: حسن المصري، مصنف كتاب أحسن النخب في معرفة لسان العرب، بالعربية والألمانية (فيينا ١٨٦٩) وسعد الدين أحمد أفندي. وتخرج منها سفراء وقناصل ومترجمون مشهورون من أمثال: فردريخ فون لوكاو (المتوفى عام ١٨٣٨) Fr. Von Lokau الملقب بالمترجم الشرقي. فطارت لها في البلاد شهرة واسعة تجاوزتها إلى أوربا فأنشأت كل من ألمانيا، وروسيا، وإيطاليا، وانجلترا، مدرسة على غرارها، لمثل غرضها. وقد أصبح اسمها اليوم أكاديمية القناصل (١).
[٢ - المكتبات الشرقية]
مكتبة فيينا الوطنية، تحتوي على مئات من المخطوطات العربية النفيسة، بينها مجموعة نسخها فون بوشبيك بخطه، وغيرها بالخط المغربي، و ٢٥٠ مخطوطاً من مؤلفات الزيديين جمعها جلازر. وكان أمناء المكتبة الإمبراطورية من المستشرقين - وقد عاون بعضهم سمعان السمعاني اللبناني (١٧٨٣) - طوال أربعة أجيال، وقد وضع آدم كولار: فهرسها الكبير (فيينا ١٧٤٩) وصنف فلوجيل: فهرس مخطوطاتها العربية والفارسية والتركية، في ثلاثة مجلدات (فيينا ١٨٦٥ - ٦٧) الأول: في ٧٢٣ صفحة، ما عدا المقدمة، والثاني: في ٦١٤ صفحة، والثالث: في ٦٥٣ صفحة. ووضع فريدمان: فهرس أوراق البردى اليونانية والقبطية والعربية فيها،
(١) بيخوف - V. Bischoff: الدراسات الشرقية في النمسا (المجلة الاسيوية ١٩٤٦ - ٤٧).