لإنفاق ريعه على المؤلفات التي تختارها للتحقيق والنشر من اللغات الشرقية، وحكمها في غاية الدقة والأمانة.
وكان من حظ العربية نشر بضعة عشر كتاباً من أمهات المصادر، منها: الأنساب للسمعاني، ومعجم الأدباء لياقوت، وتجارب الأم لابن مسكويه، والولاة والقضاةا للكندي، وفتوح مصر والمغرب والأندلس لابن عبد الحكم، واللمع لأبي نصر السراج، والبديع لابن المعتز، ودواوين شعرية كثيرة وغيرها (ذكرت في آثار المستشرقين) وقد صدرت جميعها بهذا البيت:
تلك آثارنا تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثار
[٦ - أثر الشرق في الأدب الإنجليزي]
لقد تأثر الأدب الإنجليزي بالشرق تأثراً متواصلا متزايد متبلوراً على أقلام: الفيلسوف روجر بيكون، والشاعرين تشوسر الذي قص قصة الزباء ملكة تدمر. ولد كيت مستوحى القصص الشرقي. وأول مصنف نشر في إنجلترا وهو كتاب كلمات الفلاسفة وحكمهم، نسق على أسلوب عربي، محاكاة لكتاب: مختار الحكم ومحاسن الكلم، لمبشر بن فاتك المصرى (١٠٥٣) وقد نشر المتن الدكتور عبد الرحمن بدوي (القاهرة ١٩٥٨) ثم ظهر هذا الأثر في كتابي: راسيلاس، لصموئيل جونسون، والبوتن لكنجليك. وفي مسرحيتي شكسبير: عطيل، وتاجر البندقية. وفي قصتي: الكيماوي لين جونسون، وتيمورلنك لكرستوفر مارلو.
ولما أنشئ في أوائل القرن الثامن عشر، كرسيان جديدان للغة العربية، في جامعتي أكسفورد وكمبريدج، واشتهر فيهما أساتذة من أمثال: هانط، وهايد، وجانيه، ووالس، وفورد، وبريدو، وأوكلى، أثروا في الأدب الإنجليزي، تأثيراً بيناً، إذ خرجوا بمصنفاتهم من نطاق المستشرقين إلى القراء والأدباء فشملها التراث العام، وأفاد منها. ثم جهزت جامعة أكسفورد مطبعة عربية نشرت كثيراً من أمهات المخطوطات، وأنشئت الجمعية الآسيوية الملكية، وصدرت مجلتها، ونظيراتها في الهند، فاحتل الأدب العربي مكاناً مرموقاً لدى معظم الأدباء، فاطلعوا كتاباً وشعراء على ترجمات المستشرقين واستوحوا منها ولا سيما من ألف ليلة وليلة وغيرها من