للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه يبخس المستشرقين حقهم، في صون تراثنا وفهرسته وتحقيقه وترجمته والتصنيف فيه، ثم نشره عن طريق المعاهد والمطابع والمجلات والمؤتمرات. ولو نحن قابلنا جميع ذلك من يوم قام الاستشراق عصراً عصراً، حتى اليوم بما لدينا منه، ووازنا بين آثار المشهورين من المستشرقين: كدوزي وبروكلمان وماسينيون ونيكولسن وبين آثار أعلامنا لما فضلناهم في شأن كبير، وإلا لكنا اكتفينا بما لنا وضربنا صفحاً عن ترجمة المئات من مصنفات المستشرقين، وكفينا أنفسنا المفاخرة بها والقول في مقدماتها: إنه كان نقصاً كبيراً ومعيباً أن تخلو مكتبتنا العربية منها (١).

[٢ - جزاء المؤسسات العلمية]

ما كان أغنانا عن مثل هذا الاستطراد لو نحن عدنا إلى الأزهر الشريف الذي أرصد في ميزانيته لعام ١٩٣٦ مبلغ ثلاثة آلاف جنيه لبعثة من اثني عشر طالباً إلى جامعات فرنسا وألمانيا وإنجلترا. وقول الشيخ المراغي، شيخه يومئذ، فيها:

"يجيء رجل مستشرق له دراسات عن رجال الإسلام: النبي، وعمر، وخالد ابن الوليد، والشافعي، ومالك. ويخبرك كيف جمع الحديث، ووجدت القراءات في القرآن، وتكون الفقه الإسلامي، وأنت لا تعرف عنه شيئاً".

ثم قررت مشيخة الأزهر (عام ١٩٦١) تكليف أعلام المستشرقين الذين اعتنقوا الإسلام بإلقاء سلسلة من دراساتهم الإسلامية على طلاب الفرقة النهائية في معهد الإعداد والتوجيه، قبل إيفادهم إلى الشعوب الإسلامية.

ولمناسبة إنشاء معهد عال للتراث، اقترحت الدكتورة بنت الشاطيء إيفاد الممتازين من خريجيه في بعثات علمية إلى معاهد الاستشراق بأوربا كليدن، وليننجراد وطشقند، ورومة، وصقلية (٢).

وقد تعاقبت بعثات الجامعات من الشرق الأوسط على معاهد المستشرقين فتعلم طلابنا عليهم وأخذوا بمنهجهم ونشروا المنتقى من أعمالهم ونقلوا عنهم إلى العربية


(١) العلم عند العرب لمترجميه الدكتورين: عبد الحليم النجار، ومحمد يوسف موسى (القاهرة ١٩٦٢).
(٢) الأهرام: ١٣/ ١٢/١٩٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>