للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاربه لما طلقها، ووسع رابيل الثاني (٧١ - ١٠٥) وهو خاتمة ملوك الأنباط رقعة دولته حتى قضى عليها تراجان (١٠٦) وضمها إلى الإمبراطورية الرومانية باسم الولاية العربية، جاعلاً بصرى في حوران عاصمتها.

ونقر الأنباط هياكلهم في صخور البتراء (١) وشادوا مبانيهم على واديها وشقوا بينها جادات في رواء شوارع الإسكندرية، واكتسوا الخز والديباج، وأطعموا لذيذ المآ كل «لا يحتسي المرء منهم في مآدبهم أكثر من إحدى عشرة كأساً متناولاً في كل مرة كأس ذهبية مختلفة (٢).

وكانت حضارة الأنباط مزيجاً من العربية واليونانية والرومانية، تأثرت بمذهب منيبوس الفليسوف الكلبي الذي أقام في قطره (القرن الثالث قبل الميلاد) واحتذاه: لوسليوس، وفارو، وهوراس. ثم بمذهب أنطيوخوس العسقلاني (المتوفى عام ٧٩ ق. م) وقد حاول التوفيق بين الأفلاطونية والرواقية، وأسس مجمعاً في فلسطين وعلم في مجمع رومة، ومن تلاميذه شيشرون. كما كانت عربية اللغة، أرامية الكتابة سامية الديانة، فلما قضى تراجان على الأنباط وتحولت القوافل عن عاصمتهم إلى تدمر اضمحلت البتراء، وأمست مقابرها العظيمة مذاود تأوي إليها قطعان البدو حتى كشف عنها بوركهارت (١٨١٢) فأمها الأثريون ووصفوا أطلالها كالدير وخزنة فرعون، وصنف ديسو كتاباً في نقود ملوكها (١٩٠٤).

[٣ - تدمر]

وما آذنت شمس البتراء بالأفول حتى سطعت شمس تدمر، وهي مدينة قديمة ورد ذكرها (١١٠٠ ق. م) في النصوص الآشورية، تبعد ٢٣٠ كيلومتراً من دمشق و ١٦٥ من حمص، على طريق القوافل بين العراق وبين بادية سوريا، احتفظت باستقلالها رغم تبعيتها للسلوقيين والرومان. وقد ازدهرت فيها التجارة ازدهاراً بلغ رومة فأمر مارك أنطونيو الفرسان بغزوها (٤١ ق. م) ففر أهلها بمتاعهم منها. وألحقها طبريوس برومة (١٧ - ١٩ م) وضمها تراجان إلى الولاية


(١) وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً (الأعراف: ٧٤).
(٢) Strabo, Bk, ch. ٤, ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>