يرجع تاريخ الإستشراق في الدانمرك إلى عهد الإصلاح الديني، عندما انفصلت عن الفاتيكان لتأسيس كنيسة إنجيلية، تأثراً بألمانيا يومئذ. فانتدبت جامعة كوبنهاجن (١٤٧٩) Kopenhagen- وكان فيها دراسات في الآشورية والمصرية والإيرانية وبعض اللغات الشرقية تعطلت بقفل الجامعة، ثم استأنفت رسالتها بعد الإصلاح (١٥٣٧) - انتدبت هانس توزين (١٤٩٤ - ١٥٦١) أول أستاذ لتدريس التوراة بالعبرية (١٥٥٧) ثم ضمت إليه أستاذاً للغات السامية في مطلع القرن السابع عشر، تشبهاً بالدول الكبرى التي أخذت في تعليمها. إلا أن الاستشراق في الدانمرك ظل ضيق الحيز، بطئ الإطراد، قليل الأثر، سوي ما خلفه بتراوس، حتى تشعبت العلاقات بين الدانمرك وألمانيا والتحقت الأولى بالثانية في ثقافتها فرحل الدانمركيون إليها في طلب الآداب الشرقية. وساعد على ازدهار الدراسات الشرقية في الدانمرك اتصالها بالشرق الأوسط، من بعد، اتصالا مباشرة، ولا سيما في ميدان التجارة.
واتسم القرن الثامن عشر بالرحلات، ومن أشهرها بعثة إلى جنوب الجزيرة العربية التي اقترحها العلامة ميخائيليس على فردريك الخامس ملاك الدانمرك، فأمر بالاتفاق عليها، وقام رئيس وزرائه برنستورف بتدريبها وتجهيزها فضمت خمسة من العلماء المتخصصين على رأسهم فون هافين الدانمركي- وكان مستشرقاً عالماً يدرس اللغات السامية في جامعة جوتنيجن بألمانيا- العلوم الاستشراق، وفورسكال السويدي للعلوم الطبيعية، ونيبهر الألماني ضابطاً، وكرامر طبيباً، وبولفيند رساماً.
وغادرت البعثة كوبنهاجن (٤ من كانون الثاني/ يناير ١٧٦١) على طراد دانمركي