بدأ الموارنة من لبنان وسوريا وقبرص يطلبون العلم في جامعات رومة منذ عام ١٥٧٩، وكان الكبار منهم يعرفون السريانية والعربية واليونانية. وفي عام ١٥٨٤ أمر البابا غوريغوريوس الثالث عشر بإنشاء المدرسة المارونية، ثم تأسست مطبعها الشرقية (١٦٥٣). ولما استصفي نابليون أموال الكنيسة في إيطاليا وأقفل منشآتها.
واستولى على المدرسة المارونية (١٧٩٨) اختار بعض طلابها، وكانوا يتلقون العلم في جامعات رومه بعد تعطيل الدراسة فيها، محققين في المطبعة التي نقلها أو تراجمة في جيشه، ومن هؤلاء الأخيرين: إلياس فتح الباب، ويوسف مسابكي، والأخ مشحارة شامي، فانضموا إلى المترجمين في حملته: ميخائيل صباغ، وإلياس بقطر، ونقولا الترك، وروفائيل زخور (١).
وألف خريجو المدرسة المارونية- وقد أعيد فتحها عام ١٩٢٠ - وأترابهم حلقة اتصال بين الشرق والغرب، فاستعان بهم الفاتيكان وبعض ملوك أوربا وأمرائها في جامعاتهم ومكتباتهم ومطابعهم فعلّموا اللغات الشرقية وجمعوا مخطوطاتها وفهرسوها وترجموا النفيس منها، فعاونوا على تعريف الشرق في الغرب، لغات وديانات وشرائع وثقافات وحضارات إلخ ... معاونة جليلة لا يقل عنها قدراً معاونتهم في إرساء النهضة العربية الحديثة على أسس من الثقافة الأوربية.
وقد عرفت أوربا بعضهم بأسمائهم اللاتينية ونقشها على مداخل معاهدها، وحققت تراجمهم وقومت مصنفاتهم، وعدهم بين كبار العلماء. ومن أحصوا الكتب الكثيرة التي كتبت عنهم: هرتر، وباريزو، والكردينال ماي، والكردينال تيسّران فعدّ السمعاني وعواد في الطليعة من أعلام المستشرقين. وروبنس دوفال الذي قال فيهما: «إذا استني رينودو مصنف الطقوس السريانية وجب الاعتراف
(١) وكانت فرنسا قد خضت أبناء الطوائف المسيحية باثنتي عشرة منحة دراسية لتلقي العلم في معهد لويس الكبير (١٧٠٠).