وباريس ولندن طوال خمس وعشرين سنة. وسلخ فايل ست عشرة سنة في تصنيف تاريخ الخلفاء. وهامر - بورجشتال ست سنوات في تاريخ الآداب العربية. ودي مينار، ودي كورتاي عشر سنوات في تحقيق وترجمة مروج الذهب لامسعودي. وتعاقب على ترجمة كتاب الخطط للمقريزي بوريان، وكازانوفا، وفييت. واستغرق نشر كتاب الطبقات الكبير للواقدي أربع عشرة سنة. وقضى فريتز هوايل سنوات في دراسة ديوان ابن قيس الرقيات، على جميع المخطوطات، طلباً لأسماء بعض الألبسة عند العرب، فلما ظفر باسمين اثنين منها اغتبط بهما اغتباطاً عرضه عن جهد تلك السنوات، كما اشتهر عنه. وفيفت آثار الكثيرين على المئات من أمثال: إدوارد براون، واسين بالاثيوس، وبروكلمان، وكراتشكوفسكي، وسارتون، وماسينيون دون أن يسف واحد منهم في واحدة منها، وقد أكبرها العلماء في الشرق والغرب.
[٣ - التراث العربي]
والتراث العربي جزء من التراث الإنساني، ولعله أكثر أجزائه اتساعاً وتعقيداً وغموضاً، في أصوله وتأثره وتفاعله وتطوره وأثره، ذلك لما رافقه من عصبيات قبائل وأنساب وقرشيين وأنصار ومهاجرين، ومن منازعات على الخلافة بين الأمويين وبين الهاشميين قسمت المسلمين إلى سنيين وشيعيين وخوارج، ثم إلى فرق أخرى كثيرة وجمعيات سرية عديدة، ومن زندقات شعوبية دخلت الإسلام وأدخلت عليه معها البدع إلى جانب ترانها، ومن أحقاد المرتدين والملحدين والمنحرفين، ومن سعة الإسلام وانتشاره في الشرق والغرب والعلوم التي قامت عليه في: القرآن والحديث والسنة وعلم الكلام وأصول الدين والمذاهب الأربعة والفلسفة والتصوف، ومن تفسير كل ذلك تفسيراً يلائم المذاهب والنحل المتضاربة فتتجادل بالسيف بعد أن يعجز جدل الكلام.
كل ذلك ساعد على طمس بعض معالم التراث العربي والتشهير بالبعض الآخر مثل أبي حيان التوحيدي، والشريف الإدريسي، وابن رشد، وابن باجه الذي قال فيه ابن خاقان: إنه قذي في عين الدين إلخ. وجعل الاختلاف فيه كثيراً، والدس عليه بما هو براء منه: كحديث الغرانيق ونقد الصحيفة وما ذكر بشأنهما في القرآن الكريم. أما الحديث فقد ألفي البخاري، حين قام على جمعه، ستمائة ألف