يعقوب الأناضولي (المولود في باريس ١١٩٤) للتدريس والترجمة فترجم إلى العبرية المجسطي ومختصر المجسطي لابن رشد (ولا تعرف له إلا هذه الترجمة العبرية) وشرح ابن رشد على مقولات أرسطو، وشرحه على الإيساغوجي لبورفيريوس والفرغاني. ثم أرسل نسخاً من الترجمات مع بعثة على رأسها ميخائيل سكوت إلى جامعات إيطاليا وباريس وأكسفورد، فتفشت فلسفة ابن رشد في معظمها. وتناول جامعة بولونيا بحمايته وأصلح مدرسة سالرنو - وقد جاءت في كتب العرب باسم سالرنه - ووسعها ووهبها نسخة من الطب العربي (١) وأمر بتشريح الجثث فيها.
كما كان يحتفى في بلاطه بعلماء الشرق الأدني، وممن زاروه ليوناردو فيبوناتشي الذي قدم له بعد عودته من مصر رسالتين في حل معادلات الدرجة الأولى والثانية (١٢٢٥) ويرسل بالأسئلة العلمية والفلسفية إليهم فعله مع ابن سبعين العالم المتصوف وكان قد اتهم بدينه وفر من الأندلس إلى شمالى أفريقيا فأرسل إليه فردريك الثاني يستفتيه في بعض المسائل الفلسفية، فأجابه بكتاب عنوانه: الأجوبة عن الأسئلة الصقلية، في ٤٩ صفحة (منه نسخة خطية في أكسفورد) فلقب به فيلسوف صقلية. وقد ذكر عنه المستشرق أماري أحاديث طريفة ورأي البابا في فلسفته.
وسار ابنه منفرد - الذي أشرف على ترجمة كتاب التفاحة وقد ضاع أصله العربي - وخليفته شارل دانجو، وآل هوهنسجتين على نهج فردريك الثاني فظلت الصلوات الخمس تقام في معسكر لوكرا (١٢٦٦) وقربوا العلماء والشعراء وأغدقوا على أهل الفن والمترجمين فترجم الطبيب فرج بن سالم الصقلى في نابولي كتاب الحاوي للرازي (١٢٧٩) وما زالت إحدي نسخه في المكتبة الوطنية بباريس. وقد طبع في البندقية عام ١٥٤٢ وستراسبورج ١٥٣٢ وآخر طبعة سنة ١٩٠٣ وتقويم الأبدان لابن جزله (ستراسبورج ١٥٣٢) والطب التجريبي لجالينوس بترجمة حنين بن إسحق، وكتاب الجراحة لابن ماسويه. وترجم ناتان هاماتي السنتي، في رومة، كتاب الحكم (١٢٧٩ - ١٢٨٢) وجعلوا من العربية - على الرغم من أن صقلية كانت ملتقى الثقافتين اليونانية والعربية والعلماء
(١) نشر سلفاتوري دي رنتسي - Salvatore deRenzi مجموعة مدرسة سالرنو الطبية، في خمسة أجزاء (نابولي، ١٨٥٢ - ٥٩).