رهبانه (١٢٣٩) وأعاد توما إلى قصر أبيه فالتحق بجامعة نابولي - وكان طلابها مقبلين على ترجمات ميخائيل سكوت باللاتينية لفلسفة ابن رشد وترجماتها بالعبرية ليعقوب الأناضولى، وعلى شروح بطرس الإيرلندي المتعصب لأرسطو، فتموج عقولهم بالمؤثرات اليونانية والعربية والعبرية - وتعرف توما إلى الرهبان الدومينيكيين (١٢٤٤) وقرر الانخراط في سلكهم لانصرافهم إلى العلم والتعليم العالي في أشهر العواصم، فخيب بقراره آمال أسرته في رياسة دير مونتي كاسينو فسجنته في القصر سنة كاملة. ولما أطلقت سراحه، أرسله رؤساؤه إلى باريس (١٢٤٥) في طلب العلم فأخذه على البر الكبير. وأعجب الأستاذ بتلميذه فصحبه إلى دير كلوني وسهر على تعليمه، ثم صرفه إلى جامعة باريس للتدريس فباشره فيها بتفسير الكتاب (١٢٥٢ - ٥٤) وشروح عن آراء المعلم اللومباردي أسقف باريس (١١٥٩) وصاحب كتاب جوامع الكلم الذي اتخذته الجامعة نموذجاً لحل المسائل الفقهية والفلسفية (١٢٥٤ - ٥٦) فأجمع طلابه وزملاؤه - على الرغم مما كان بينه وبين الآخرين من خلاف ولاسيما الرهبان الفرنسيسكانيين الذين كانوا يسلكون إلى معرفة الله طريق الصوفية فصدمتهم فلسفته العقلية - على الإعجاب به حتى إن المحاضرات كانت تتوقف في الجامعة لإقبال أساتذتها وطلابها على محاضراته. وقد أحرز لقب أستاذ في اللاهوت (١٢٥٦).
واستدعى إلى رومة (١٢٥٩) وتولى إلقاء المحاضرات في مدرسة البلاط البابوي زهاء عشر سنين، واجتمع بأستاذه البر الكبير، وهو في ذروة من النضج، وبوليم دي مربيكا، كبير المترجمين عن اليونانية؛ فطفق وليم يترجم أرسطو وتوما يفسره على ضوء ترجماته وشروحه المنقولة من العربية، ثم بدأ بتصنيف أشهر مصنفاته.
ولا تفشت الرشدية في باريس، وكانت مشبوهة في نظر الكنيسة استدعي ألبر الكبير لمناهضتها، فاعتذر بصحته وأوفد عنه توما فراح يناضل أبناء الكنيسة وقد انقسموا إلى فريقين، على جبهتين: فيدافع عن أرسطو لا حباً به بل خشية من ابن رشد ويصد في الوقت نفسه هجمات زملائه الرهبان الذين لا يأخذون بالعقل حتى انتصر على الرشدية انتصاراً أدى إلى تحريمها (١٢٧٠ ثم تكرر حرمانها