(١١١٠)، وبرجان على باب يافا رفعهما المهندس الذي بني كنيسة سيدة باريس بنيت على مراحل من ١١٦٣ إلى ١٢٣٠ - في حملة الملك لويس التاسع. وخلف الصليبيون ضرباً من نظام الإقطاع، وأنواعاً من السلاح والذخيرة والسفن وفنون الملاحة، وأسماء القرى كسنجل والرينة في فلسطين، وبعض الأديار والشعائر الدينية المسيحية، وألقاب أسرهم التي حورت على أيام أحفادهم، ومنها: البرنس نسبة إلى أمراء تولوز، ودريان إلى الكونت دي ريان، وصوايا إلى الكونت سافوى (١)، وفرنجيه، وصليبي، والدويهي، وبردويل.
ولا أجلى الصليبيون عن الشرق حملوا معهم إلى أوربا: طرازاً جديداً من النواعير، اقتبسه الألمان عن نهر العاصي، والزنجبيل، وقصب السكر، والتوت، والحلى، والمساحيق، والأصباغ فعرفت بأسمائها العربية: آزير - أزرق. وللاك - ليلكي، وسافران - زعفران. والأنسجة: دمشقي، وموصلي، وغزي، وغيرها. ثم أتقنوا صناعتها فغزوا بها العالم. وسار بعض الزهاد (١١٥٠) على سنة القديس باسيل وانتشروا في فلسطين فلما سقطت في أيدي المسلمين هاجروا إلى قبرص وصقلية وفرنسا وإنجلترا، ثم صدق البابا إينوسنت الثالث على قانونهم فعرفوا بالثالوثيين، وكلفوا بافتداء المسيحيين الذين وقعوا في أيدي المسلمين. وكان هيلاري أسقف بواتييه (المتوفى ٣٦٧) قد اقتبس من منفاه بلبنان بعض الترانيم الهليستينية، ونقلها إلى اللاتينية فتأثرت من بعده بالشعر العربي والبروفنسي، وأخذ الرهبان في الحملات الصليبية عن النصارى الشرقيين عبادة العذراء، وصلاة السبحة، وشعيرة طريق الصليب. وكانت اللاتينية لغة رجال الدين والفرنسية لغة الأشراف، والإيطالية لغة البحارة والتجار، والسريانية لغة أهل الجبال.، والعربية لغة التخاطب اليومية. فحمل الصليبيون معهم الكتاب الملكي في الطب لعلي بن عباس، الذي نقله إسطفان الأنطاكي وهو من بيزا (١١٢٧) ترجمة أصدق من ترجمة قسطنطين الأفريقي، وأضاف إليه كشافة يونانياً عربياً لاتينيناً للمصطلحات التي استعملها ديوسقوريدس (البندقية ١٩٩٢ وليون ١٠٢٣) وقصة كأس العشاء السرى، وكليلة ودمنة. وتأثر شوسر بألف ليلة وليلة. وبوكاتشيو بالحكايات
(١) Ristelhuebert, Traditions françaises au Liban, p ٦٣.