أرواد الشهير (٦٥٦) وحاول غزو صقلية (٦٥٢) ثم صالح قسطنطين الثاني على جزية (٦٥٨) حتى إذا استتب له الأمر رفض دفعها فسير البيزنطيون جماعة من الثوار النصارى عرفوا بالمردة فاكتسحوا الثغور وتطرق بعضهم إلى لبنان (٦٦٦) واستمرت الحروب بين المسلمين وبين البيزنطيين طوال سنوات فحاصر، الأسطول الإسلامي القسطنطينية (٦٧٣ - ٦٧٨) ثم ردهم عنها (٧١٧ - ٧١٨) الإمبراطور ليو الأيصوري - وهو سوري الأصل من أسرة وضيعة كانت تسكن مرعش، ويتقن العربية كاليونانية -واستعاد البيزنطيون قبرص (٧٤٦) والأناضول (٧٧٨) ثم ضرب الأسطول الإسلامي قبرص (٨٠٥) وكريت (٨٠٦) ورودس (٨٠٧) وفتح كريت منفيو إسبانيا (٨٢٥) وسقطت عمورية، موطن الأسرة البيزنطية الحاكمة في أيدي المسلمين (٨٣٨) ثم استولى البيزنطيون على دمياط في أيام المتوكل (٨٤٧ - ٨٦٠) وكريت (٩٦١) وبعلبك (٩٦٤ - ١٠٨٤) وطرسوس (٩٦٥) وقبرص (٩٦٨) وأغاروا على حلب وأنطاكية والرها (٩٧٤) ودمشق وبيروت (٩٧٦).
* * *
لقد اصطنع العرب في صدر الإسلام نظم البلدان التي تم لهم فتوحها، لحسن تنظيمها على الرغم من اضمحلال مجتمعاتها. فأخذوا بالطرق البيزنطية في سوريا وفلسطين ومصر، وبأساليب الساسانيين في العراق وفارس، مبقين على لغاتها ونقدها وموظفيها، ما خلا العراق الذي فتح عنوة فأطلق عمر يده فيه، وعدا المناصب ذات الصبغة السياسية والعسكرية. ولما قامت الخلافة الأموية (٦٦٠ - ٧٥٠) تعصبت للعرب عنصراً ولغة وأدباً، وجعلت قاعدتها دمشق على حدود باديتهم، واعتمد معاوية في توطيد عرشه على السوريين فكان منهم؛ ميسون، إحدى زوجاته، ومنصور ابن سرجون أمين ماله ثم ابنه وحفيده القديس يوحنا الدمشقي، وابن أثال طبيبه، والأخطل شاعره، وما لبثت الخلافة الأموية أن أصبحت وريثة الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية أكثر منها حكومة عربية. فنظمت الجيش والأسطول على غرارهما، وأخذت عنهما إخلاف الأبناء والأقارب، وإحاطة الخليفة بمظاهر الأبهة، وتوفير النعيم في جلب المياه وتخطيط الحدائق وتشييد القصور،