للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسن دستور للضمير الإنساني فرداً وجماعة، وجعل الثواب والعقاب بعد الموت، فارتفع الإنسان إلى مثل خلقية هي أنبل ما وصل إليه في حياته. وجاءت تعاليم بتاح حوتب في الحكمة (٢٨٠٠ ق. م) قبل كنفوشيوس وبوذا وسقراط بألفين وثلاثمائة عام، وأسفار سنوحي، وقصة البحار الغريق (الأسرة الثانية عشرة) أعرق القصص التاريخي، ومسرحية أوزيريس التي تمثل حياته وموته في مصر وبعثه في جبيل مثالاً فذا لجميع الآلهة في غرب آسيا، وأقدم ما عرف عن التمثيل الديني.

وقد اهتدى علماء حملة نابليون على مصر (١٧٩٨) إلى هياكل الأقصر والكرنك، وصنفوا كتاباً في وصف مصر (١٨٠٩ - ١٨١٣) ثم قرأ شمبوليون حجر رشيد (١٨٢٢) فحل رموز الكتابة الهيروغليفية وألف أجرومية ومعجماً لها (١٨٣٢) فوضع بها أساس علم الآثار المصرية، ومهد السبيل للعلماء إلى التنقيب عن عالم عظيم مفقود، ولما وقف بمعبد الكرنك - وارتفاع عمد بهوه في الجزء الأوسط منه ٦٩ قدماً يتسع تاج كل منها لمائة واقف فوقه بهرته الحضارة المصرية فكتب: وفي الكرنك تبدت لي عظمة الفراعنة. وما من شعب قديم أو حديث خلا قدماء المصريين، قد أخرج كل ما تصوره الناس في العمارة بمثل هذا السمو والروعة والضخامة.

ولما طرد الآشوريون من مصر شجع ملكها بسماتيك (٦٦٣ - ٦٠٩) الفينيقيين - وتعود صلتهم بمصر إلى غزوهم وضرب الجزية عليهم وتزعمهم حركة الخروج عليها أيام أخناتون، واستمرار نزوحهم إليها وتفرقهم بين أرجائها ولاسيما في منف - واليونان على استيطان مصر للإفادة من نشاطهم وخبرتهم العظيمة وكان وجودهم فيها سبباً في رواج تجارتها وتوثيق عراها بدول البحر الأبيض المتوسط (١) ثم استعان الفرس بأسطول فينيقيا على فتح مصر والحبشة (٥٢٥) وثارت عليهم (٤٨٥) فأعادوا فتحها (٤٨٤) وانضمت إليهم مع فينيقيا في حملهم على اليونان (٤٨٠) وشيد مهندسوهما جسراً فوق الدردنيل من ٦٧٤ سفينة عد بين روائع القدماء الهندسية.


(١) محمد عبد الرحيم مصطفى وعبد العزيز مبارك، تاريخ مصر القديم، ص ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>