للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: قال ملك الله يريدون شيئًا [أي] (١) نزيدكم.

وقوله: فيكشف الحجاب: معناه: أنه يرفع الموانع من الإدراك عن أبصارهم حتى يروه على ما هو عليه من نعوت العظمة والجلال والبهاء والجمال والرفعة والكمال، لا إله إلا هو سبحانه عما يقوله الزائغون والمبطلون، فَذِكْرُ الحجاب إنما هو في حق المخلوق لا في حق الخالق، فهم المحجوبون، والباري جل اسمه وتقدست أسماؤه منزه عما يحجبه، إذ الحجب إنما هو تحيط بقدر محسوس، وذلك من نعوتنا، ولكن حجبه على أبصار خلقه وبصائرهم وإدراكاتهم بما شاء وكيف شاء (٢).

وروي في صحيح الأحاديث (٣): "أن الله تعالى إذا تجلى لعباده ورفع الحجب عن أعينهم فإذا رأوه تدفقت الأنهار واصطفقت (٤) الأشجار وتجاوبت السرر والغرفات بالصرير، والأعين المندفقات بالخرير، واسترسل الريح المثيرة، ويثبت في الدور والقصور المسك الأذفر والكافور، وغردت الطيور، وأشرقت الحور العين"، ذكره أبو المعالي في كتاب الرد له على السجزي، وقال: وكان ذلك بقضاء الله وقدره، وإن لم يكن فيها شيء عن الرؤية والنظر،


(١) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، م).
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله : "فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه"، وهي الزيادة. وهذه الأحاديث وغيرها في الصحاح، وقد تلقاها السلف والأئمة بالقبول، واتفق عليها أهل السنة والجماعة، وإنما يكذب بها أو يحرفها الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة والرافضة ونحوهم الذين يكذبون بصفات الله تعالى وبرؤيته وغير ذلك، وهم المعطلة شرار الخلق والخليقة، ودين الله وسط بين تكذيب هؤلاء بما أخبر به رسول الله في الآخرة، وبين تصديق الغالية بأنه يرى بالعيون في الدنيا، وكلاهما باطل. وقال أيضًا: وعند من أثبت الرؤية من المتجهمة أن حجاب كل أحد معه، وكشفه خلق الإدراك فيه، لا أنه حجاب منفصل. انظر: مجموع الفتاوى ٣/ ٣٩١، ٦/ ١١، وهذا الإثبات الذي ذكره بعض الجهمية هو تكذيب مبطن بمسألة الحجاب.
(٣) لم أجده في المصادر الضعيفة فضلًا عن الصحيحة، هو أشبه بكلام الغزالي.
(٤) في (الأصل، ظ): واصطفت، وما أثبته من (ع، م).

<<  <  ج: ص:  >  >>