للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسنة (١)، فدل على أن القدم ليس حقيقة في الجارحة (٢)، والله الموفق.

قال ابن فورك: وقال بعضهم: القدم خلق من خلق الله يخلقه يوم القيامة فيسميه قدمًا ويضيفه إليه من طريق الفعل يضعه في النار فتمتلئ النار منه.

قلت: وهذا نحو ما قلناه في الرِجل.

قال الشاعر:

فمرَّ بنا رِجلٌ من الناس وانزوى … إليهم من الحي اليماني أرجل

قبائل من لخم وعك وحِمْيَر … على ابني نزار بالعداوة أحفل

وقال آخر:

ترى الناس أفواجًا إلى باب داره … كأنهم رجلًا دبًا وجراد

فيوم لإلحاق الفقير بذي الغنى … يوم رقاب بوكرت بحصاد

الدبا: الجراد قبل أن يطير.

[باب ذكر آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة وفي تعيينه وتعيين قبيلته واسمه]

مسلم (٣) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : "إني


(١) الطبري في تفسيره ١١/ ٨٢؛ وتفسير الماوردي ٢/ ٤٢١.
(٢) قال القاضي أبو يعلى في التأويلات السابقة إنها غلط من وجهين:
أحدهما: أن قوله: "يضع قدمه" هاء كناية، وهاء الكناية ترجع إلى المذكور، والمذكور في الخبر الله سبحانه، وفي لفظ "الجبار" وفي لفظ "رب العزة" فوجب أن يرجع إليه. الثاني.: أن تلك التأويلات تسقط فائدة التخصيص بالنار، وأما قوله: ﴿أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ﴾ إنما حُمل القدم هنا على السابق من الرسول والثواب؛ لأن في ظاهر اللفظ ما دل عليه وهو قوله سبحانه: ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ إنما يبشرون بما سبق لهم من الأعمال، فهناك ما دل على أن المراد بالقدم: السابقة وليس في الخبر - "حتى يضع فيها قدمه" - ما يدل على ذلك، بل فيه ما يدل على خلاف ذلك من الوجه الذي ذكرنا. إبطال التأويلات لأخبار الصفات ١/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٣) في صحيحه ١/ ١٧٢، ح ١٨٦؛ والبخاري في صحيحه ٥/ ٢٤٠٢، ج ٦٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>