للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

وأما قوله: "من أراد أهل المدينة بسوء فذلك محمول على زمانه وحياته كما في الحديث الآخر: "لا يخرج أحد منهم رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرًا منه" (١)، وقد خرج منها بعد موته من الصحابة من لم يعوضها الله خيرًا منه، فدل أن ذلك محمول على حياته؛ فإن الله تعالى كان يعوض أبدًا رسوله خيرًا ممن رغب عنه، وهذا واضح، ويحتمل أن يكون قوله: "أذابه الله" كناية عن إهلاكه في الدنيا بعد موته، وقد فعل الله ذلك بمن غزاها وقاتل أهلها كمسلم بن عقبة إذ أهلكه الله منصرفًا (٢) [عنها] (٣) إلى مكة لقتال ابن الزبير (٤) ابتلاه الله بالماء الأصفر في بطنه فمات بقديد بعد الوقعة بثلاث ليال (٥).

وقال الطبري: مات بِهَرْشَى (٦) وذلك بعد الوقعة بثلاث ليال، وهرشى جبل من بلاد تهامة على طريق الشام والمدينة قريب من الجحفة (٧).

وكإهلاك (٨) يزيد بن معاوية إثر إغزائه أهل المدينة حرم النبي المختار وقتله بها بقايا المهاجرين والأنصار، فمات بعد هذه الوقعة وإحراق الكعبة بأقل من ثلاثة أشهر؛ لأنه توفي بالذبحة وذات الجنب في نصف ربيع الأول (٩) بحوارين من قرى حمص، وحمل إلى دمشق وصلى عليه ابنه خالد.

وقال (١٠) المسعودي (١١): صلى عليه ابنه معاوية، ودفن في


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ١٠٠٥، ح ١٣٨١.
(٢) في (ع): منصرفة، وما أثبته من (ظ).
(٣) ما بين المعقوفتين من (ظ).
(٤) في (ظ): عبد الله بن الزبير.
(٥) انظر: مروج الذهب للمسعودي ٣/ ٨٠؛ وشذرات الذهب لابن العماد ١/ ٧١.
(٦) قال الطبري في تاريخه ٣/ ٣٦٠: دفن بقفا المشلل، وذكر ابن العماد في شذرات الذهب أنه بهرشي ١/ ٧١، ومعجم البلدان ٥/ ٣٩٧.
(٧) في (ع): الجحيفة، وما أثبته من (ظ)، وفي (شذرات الذهب): الجعفة.
(٨) في (ظ): وهلك.
(٩) انظر: شذرات الذهب ١/ ٧١.
(١٠) في (ظ): قال.
(١١) علي بن الحسين بن علي، أبو الحسن، من ذرية ابن مسعود، صاحب مروج الذهب وغيره من التواريخ، مات سنة ٣٤٥ هـ، سير أعلام النبلاء ١٥/ ٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>