للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الكافر فإنه يوضع كفره في الكفة المظلمة ولا توجد له حسنة توضع في الكفة الأخرى، فتبقى فارغة لفراغها وخلوها عن الخير، فيأمر الله تعالى بهم إلى النار، ويعذب كل واحد منهم بقدر أوزاره وآثامه (١).

وأما المتقون فإن صغائرهم تكفر باجتنابهم الكبائر ويؤمر بهم إلى الجنة ويثاب كل واحد منهم بقدر حسناته وطاعاته، فهذان الصنفان هم المذكوران في القرآن في آيات الوزن؛ لأن الله تعالى لم يذكر إلا من ثقلت موزاينه ومن خفت موزاينه وقطع لمن ثقلت موازينه بالإفلاح والعيشة الراضية، ومن خفت موازينه بالخلود في النار بعد أن وصفه بالكفر، وبقي الذين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا، بينهم (٢) النبي حسب ما ذكرنا.

وإنما توزن أعمال المؤمن التقي (٣) لإظهار فضله كما توزن أعمال الكافر لخزيه وذله، فإن أعماله توزن تبكيتًا له على فراغه وخلوه عن كل خير، فكذلك توزن أعمال التقي تحسينًا لحاله وإشارة [لخلوه] (٤) من كل شيء، وتزيينًا لأمره على رؤوس الأشهاد، وأما المخلط السيء بالصالح؛ فإن دخل النار فيخرج بالشفاعة على ما يأتي (٥).

[فصل]

فإن قيل: أخبر الله تعالى عن الناس أنهم محاسبون مجزيون وأخبر أنه يملأ جهنم من الجِنّة والناس أجمعين ولم يخبر عن ثواب الجن ولا عن حسابهم بشيء، فما القول في ذلك عندكم؟ وهل توزن أعمالهم؟

فالجواب: إنه قد قيل: إن الله تعالى لما قال: ﴿وَالَّذِينَ (٦) آمَنُوا وَعَمِلُوا


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، فإنه لا حسنات لهم، ولكن تعد أعمالهم وتحصى فيوقفون عليها ويقررون بها ويجزون بها، انظر: مجموع الفتاوى ٣/ ١٤٦.
(٢) في (ع): فبينهم.
(٣) في (ع، ظ): المتقي.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع).
(٥) ص (٩١٣ - ٩١٤).
(٦) في (جميع النسخ): إن الذين، وهو خطأ، تصويبه من المصحف.

<<  <  ج: ص:  >  >>