للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقف (١) على الصراط فيذبح" (٢)، ومحال أن الموت ينقلب (٣) كبشًا، لأن الموت، عرض وإنما المعنى: أن الله يخلق شخصًا يسميه الموت فيذبح بين الجنة والنار، وهكذا كلما ورد عليك في هذا الباب التأويل فيه ما ذكرت لك (٤) والله أعلم، وسيأتي (٥) له مزيد بيان إن شاء الله تعالى.

باب (٦) اختلاف الآثار في سعة القبر على المؤمنين بالنسبة إلى أعمالهم

جاء في البخاري (٧) ومسلم (٨): "أنه يفسح (٩) له سبعون ذراعًا" (١٠).


(١) في (ع، ظ): فيوقف.
(٢) أخرج نحوه البخاري ٤/ ١٧٦٠، ح ٤٤٥٣؛ ومسلم ٤/ ٢١٨٨، ح ٢٨٤٩.
(٣) في (ع، ظ): أن ينقلب الموت.
(٤) سبق أن رد المصنف في هذا الكتاب ص (٣٧١) على المعتزلة الذين لم يثبتوا عذاب القبر؛ لأنه لم تتقبله عقولهم، فرد عليهم بأن الله على كل شيء قدير، وقد أحيا الرجل الذي سُحِق بعد أن مات وذُرّ في الهواء والماء، وهذا استدلال منه في مكانه بقدرة الله على فعل ما أراده ، فما الذي يمنع الآن في قدرة الله تعالى أن يجعل من الأعراض جواهرَ بقدرته سبحانه، فقد أخرج البخاري في صحيحه ٤/ ١٧٨٤، ح ٤٤٨٢ من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: "أن رجلًا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟! قال: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة"، قال قتادة: بلى وعزة ربنا. ا. هـ، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)﴾، ولكن المصنف تبع في هذه المسألة مذهب الأشاعرة في تأويل ما تعارض مع العقل، وما الأشاعرة من المعتزلة ببعيد الذين ينفون ما تعارض مع عقولهم، وما ذلك إلا تحريف للنصوص وليٌّ لأعناقها لتتفق مع عقول أصحاب التحريف، ولقد أحسن ابن القيم حيث يقول: ينبغي أن يُفهم عن الرسول مراده من غير غلو ولا تقصير، فلا يحمل كلامه ما لا يحتمله، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان، وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلالة والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام، بل هو أصل كل خطأ الأصول والفروع … وقد تقدم كلامه مفصلًا ص (٣٧٤).
(٥) انظر ص (٩٢٧).
(٦) في (ظ): باب في.
(٧) في صحيحه ١/ ٤٦٢، ح ١٣٠٨، وفيه: يفسح له في قبره، من غير لفظ العدد.
(٨) تقدم ص (٣٤٨).
(٩) في (ع): يفتح.
(١٠) في (ظ): أن الله يفسح له سبعين ذراعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>