للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: إنهم قد ذكروا أيضًا في الوعد؛ لأنه سبحانه يقول: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (١٨)[الأحقاف: ١٨]، ثم قال: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام: ١٣٢] وإنما أراد: لكل (١) من الإنس والجن، فقد ذكروا في الوعد مع الإنس.

فإن قيل: فقد ذكر تخاطب الجن والإنس في النار؛ لأن الله تعالى قال: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ [إبراهيم: ٢٢] (٢) إلى قوله: ﴿وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ﴾، وقال تعالى: ﴿قَالَ (٣) قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٢٧)[ق: ٢٧] ولم يأت عن تفاوض الفريقين (٤) في الجنة خبر.

قيل: إن ما ذكر من تفاوضهم في النار أن الواحد من الإنس يقول للشيطان الذي كان قرينه في الدنيا (٥) أنه أطغاني وأضلني، فيقول له قرينه: ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ ولكنه كان ضالًّا (٦) بنفسه، ولا سبب بين الفريقين يدعو أهل الجنة فيها إلى (٧) التفاوض فلذلك سكت عنهما.

وأيضًا: فإن الله تعالى أخبر الناس أن عصاتهم تكون (٨) قرناء الشياطين يتخاصمون في النار ليزجرهم بذلك عن التمرد والعصيان، وهذا المعنى مفقود في الأخيار، فلهذا سكت عن ذلك في الوعد به (٩).

[باب القصاص يوم القيامة ممن استطال في حقوق الناس وفي حبسه لهم حتى ينتصفوا منه]

مسلم (١٠) عن أبي هريرة أن رسول الله : قال: "لتؤدنّ الحقوق إلى


(١) في (ع، ظ): ولكل.
(٢) وفي (ع): زيادة في الآية قوله: ﴿وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾.
(٣) في (الأصل، ع، ظ): وقال، والتصويب من المصحف.
(٤) في (ع): القرينين.
(٥) (في الدنيا): ليست في (ظ).
(٦) في (ظ): ضلال.
(٧) (إلى): ساقطة من (ظ).
(٨) في (ع): يكونون.
(٩) (به): ليست في: (ظ): وفي (ع): الوعيد.
(١٠) في صحيحه ٤/ ١٩٩٧، ح ٢٥٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>