للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستهزاء في اللغة: الانتقام.

قال الشاعر:

قد استهزؤوا منهم بألفي مدجج … سَراتهم وسط الضحاضح جثم

ومثله: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٥٤] وهو كثير، وسيأتي (١) لبيان الاستهزاء من الله مزيد بيان إن شاء الله تعالى، والضحك من الله ﷿ راجع إلى معنى الرضى عن العبد (٢)، فاعلم ذلك.

[باب منه، وما جاء في خروج الموحدين من النار]

وذكر الرجل الذي ينادي: يا حنَّان يا منَّان، وبيان قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)[الهمزة: ٨ - ٩] وفي أحوال أهل النار

خرَّج الطبراني (٣) أبو القاسم، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن عباد المكي، حدثنا حاتم بن إسماعيل عن بسام الصيرفي عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "إن ناسًا من أمتي يدخلون النار بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يُعيرهم أهل الشرك، فيقولون: ما نرى ما كنتم تخالفونا فيه من تصديقكم وإيمانكم نفعكم، فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله تعالى من النار، ثم قرأ رسول الله : ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)[الحجر: ٢] ".

وروى أبو ظلال عن أنس بن مالك عن النبي قال: "إن عبدًا في جهنم ينادي ألف سنة: يا حنان يا منان، فيقول الله تعالى لجبريل: انت عبدي


(١) ص (٩١٢).
(٢) إن كان في إثبات صفة الضحك لله الذي يفر منه المتأولة تشبيهًا بالإنسان فإن في تأويل الضحك بالرضى أيضًا تشبيه بالإنسان؛ لأن الإنسان يرضى ويغضب، فإن قالوا إنما نثبت لله رضى ليس كرضى المخلوق، نقول لهم كذلك يلزمكم أن تثبتوا الله تعالى ضحكًا ليس كضحك المخلوق.
(٣) في معجمه الأوسط ٥/ ٢٢٣، ح ٥١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>