للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدست صفاتها على خفة ذلك عن إبراهيم وأشارت إلى تهوين الأمر عليه وتبين ما خفف عنه صلوات الله وسلامه عليه، فقال: "أما إنا قد هونا عليك يا إبراهيم"، وما وصف (١) الحق بالهون فلا أهون منه، كما ما كبّره (٢) وعظّمة فلا أكبر ولا أعظم منه، ولا فرق بين أن قال موتًا هينًا يسيرًا وملكًا عظيمًا كبيرًا، وقال في نعيم الجنة (٣): ﴿(٤) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (٢٠)[الإنسان: ٢٠]، فكما أنه (٥) لا أكبر من مُلك الجنة كذلك لا أهون من موت الخلة (٦)، والله أعلم.

[فصل]

إذا ثبت ما ذكرناه فاعلم أن الموت هو الخطب الأفظع (٧)، والأمر الأشنع، والكأس التي (٨) طعمها أكره وأبشع، وأنه الحادث (٩) الأهدم للذات، والأقطع للراحات، والأجلب للكريهات، وأن أمرًا يقطع أوصالك ويفرق أعضاءك، ويفت أعضادك، ويهد أركانك، لهو الأمر العظيم، والخطب الجسيم، وإن يومه لهو اليوم العقيم (١٠).

يحكى (١١) عن (١٢) الرشيد (١٣) لما اشتد مرضه أحضر طبيبًا طوسيًا فارسيًا


(١) في (ع، ظ): وصفه.
(٢) في (ظ): كثره.
(٣) في (ع): نعيم أهل الجنة.
(٤) (الواو): ليست في (ع، ظ)، والأصل يتوافق مع (المصحف).
(٥) (أنه) ليست في (ع).
(٦) هذا القياس لا يستقيم، لأن حديث تهوين الموت على إبراهيم الذي اعتمد عليه في القياس تقدم أنه موضوع، انظر: ص (١٥١).
(٧) في (ظ): الأقطع.
(٨) في (ع، ظ): الذي.
(٩) في (ع، ظ): للحادث.
(١٠) هذ نص كلام أبي محمد عبد الحق، ويبدأ من قوله: الموت هو الخطب .. انظر: العاقبة ص (٣٦).
(١١) هذه الحكاية ذكرها ابن الجوزي في كتابه المنتظم ٩/ ٢١٣؛ وأبو محمد عبد الحق في كتابه العاقبة ص (١٣٠) مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.
(١٢) في (ع، ظ): أن.
(١٣) أبو جعفر هارون الرشيد بن المهدي محمد المنصور العباسي الخليفة، كان من أنبل=

<<  <  ج: ص:  >  >>