للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قوله "إذا عاين": يريد إذا (١) عاين ملك الموت، أو (٢) الملائكة والله أعلم، وهو معنى قوله في الحديث الآخر: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرْغِرْ خرّجه الترمذي (٣)، أي عند الغرغرة، وبلوغ الروح الحلقوم يعاين ما يصير إليه من رحمة أو هوان، ولا تنفع حينئذٍ توبة ولا إيمان، كما قال في محكم البيان: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ [غافر: ٨٥]، وقال: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء: ١٨]. فالتوبة مبسوطة للعبد حتى يعاين قابض الأرواح وذلك عند غرغرته بالروح (٤)، وإنما يغرغر (٥) إذا انقطع (٦) الوتين (٧)، فشخص من الصدر إلى الحلق (٨) فعندها المعاينة وعندها حضور الموت (٩) فاعلم ذلك (١٠). فيجب على الإنسان أن يتوب قبل المعاينة والغرغرة، وهو (١١) معنى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ [النساء: ١٧]. قال ابن عباس والسدي: ﴿مِنْ قَرِيبٍ﴾: قبل المرض والموت (١٢).

وقال أبو مجلز (١٣)، والضحاك (١٤)، وعكرمة، وابن زيد (١٥) وغيرهم:


(١) (إذا): ليست في (ع).
(٢) في (ظ): و.
(٣) رواه في جامعه ٥/ ٥٤٧، ح ٣٥٣٧، قال الألباني: حسن، انظر: صحيح سنن الترمذي ٣/ ١٧٥، ح ٢٨٠٢.
(٤) (بالروح): ليست في (ظ).
(٥) في (ع، ظ): يغرغر به.
(٦) في (ع، ظ): قُطع.
(٧) الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه، الصحاح ٦/ ٢٢١١.
(٨) في (ع، ظ): الحلقوم.
(٩) في (ع، ظ): وعندها خروج الروح.
(١٠) (ذلك): ليست في (ع، ظ)، والأصل متوافق مع (م).
(١١) في (الأصل): وهي، وتصويبه من (ع، ظ).
(١٢) ذكره الطبري في تفسيره ٣/ ٦٤٢.
(١٣) أبو مجلز واسمه لاحق بن حميد السدوسي، مات بالكوفة سنة ١١٠ هـ، قبل الحسن بقليل، مشاهير علماء الأمصار لأبي حاتم البستي ١/ ٩١؛ الكنى للبخاري ص (٩٠)، ملحق بالتاريخ الكبير.
(١٤) الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو محمد صاحب التفسير، توفي سنة ١٠٢ هـ، السير ٤/ ٥٩٨.
(١٥) عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العمري المدني، كان صاحب تفسير وقرآن، جميع =

<<  <  ج: ص:  >  >>