للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل المعاينة للملائكة والسَّوْق (١)، وأن يغلب المرء على نفسه.

ولقد أحسن محمود الوراق (٢) حيث قال (٣):

قدم لنفسك توبة مرجوة … قبل الممات وقبل حبس الألسن

بادر بها غلَق (٤) النفوس فإنها … ذخر وغنم (٥) للمنيب المحسن

قال علماؤنا (٦) رحمة الله عليهم: وإنما صحت منه التوبة في هذا الوقت؛ لأن الرجاء باق [ويصح الندم] (٧) والعزم على ترك الفعل.

وقيل: المعنى يتوبون على قرب (٨) عهد من الذنب من غير إصرار، والمبادرة في الصحة أفضل، وألحق لأمله من العمل الصالح، والبعد كل البعد: الموت، وأما ما كان قبل الموت (٩) فهو قريب عن الضحاك (١٠) أيضًا.

وعن الحسن لما أهبط إبليس قال: بعزتك (١١) لا أفارق ابن آدم ما دام الروح في جسده، قال الله تعالى: فبعزتي (١٢) لا أحجب التوبة عن ابن آدم ما لم تغرغر نفسه (١٣).


= تفسيرًا في مجلد، وكتابًا في الناسخ والمنسوخ، توفي سنة ١٨٢ هـ، السير ٨/ ٣٤٩.
(١) أقوال هؤلاء العلماء أوردها ابن جرير الطبري في تفسيره ٣/ ٦٤٢ - ٦٤٣.
(٢) محمود بن الحسن الورّاق البغدادي، الشاعر، روى عنه ابن أبي الدنيا وأبو العباس بن مسروق، مات في خلافة المعتصم، تاريخ بغداد ١٣/ ٨٧؛ السير ١١/ ٤٦١.
(٣) في (ظ): يقول.
(٤) هكذا في (الأصل، ع): (غلق)، وكلمة: غلق، ساقطة من (ظ)، وفي (بهجة المجالس لابن عبد البر): علق النفوس، ص (٢٥٩)، القسم الثاني، ولعله ما به هو الصواب؛ لأن العَلَقَ: الهوى، والمراد هوى النفوس، والله أعلم، انظر: الصحاح ٤/ ١٥٢٩.
(٥) في (الأصل): وعلم، والتصويب من (ع، ظ، بهجة المجالس).
(٦) لم أقف على القائل.
(٧) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٨) في (ع): يتوبون على قريب، في (ظ): يتوب من على قرب.
(٩) (وأما ما كان قبل الموت): ليست في (ع).
(١٠) ذكر قوله البيهقي في شعب الإيمان ٥/ ٤٠٠، ح ٧٠٧٤.
(١١) في (ظ): فبعزتك.
(١٢) في (ظ): وعزتي.
(١٣) ذكره الطبري في تفسيره بنحوه ٣/ ٦٤٣؛ وذكره ابن المبارك في الزهد عن أبي قلابة ص (٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>