للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب عظيم يسد ما بين المشرق والمغرب، فيه جميع أعمال الخلائق، فما من صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها، ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩]، وذلك؛ أن أعمال الخلائق تعرض على الله تعالى في كل يوم فيأمر الكرام البررة أن ينسخوها في ذلك الكتاب العظيم، وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٩]، ثم يُنادى بهم فردًا فردًا فيحاسب كل واحد، فإذا الأقدام تشهد واليدان، وهو قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)[النور: ٢٤].

وقد جاء في الخبر أن رجلًا منهم يقف (١) بين يدي الله تعالى فيقول له: يا عبد السوء (٢) كنت مجرمًا عاصيًا، فيقول: ما فعلت، فيقال له: عليك بينة، فيؤتى بحفظته فيقول: كذبوا عليّ، فتشهد جوارحه عليه، فيؤمر به إلى النار، فيجعل يلوم جوارحه، فتقول له: ليس عن اختيارنا، أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء، وقد تقدم هذا المعنى مستوفى (٣)، وتقدم (٤) أن الأرض والأيام والليالي والمال ممن يشهد، وإذا قال الكافر لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني ختم (٥) على فيه فتشهد أركانه، كما تقدم (٦).

باب ما جاء في شهادة النبي على (٧) أمته

ابن المبارك (٨) قال: أخبرنا رجل من الأنصار عن المنهال بن عمرو حدثه أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ليس من يوم إلا تعرض على النبي أمته غدوة وعشية، فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم، يقول الله : ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)[النساء: ٤١].


(١) في (ع، الكشف): يوقف.
(٢) ينزه الله عن مثل هذا، وهي رواية لا أصل لها فلا توجد في شيء من دواوين السنة لا الصحيحة منها ولا الضعيفة.
(٣) ص (٦٧٢).
(٤) ص (٦٧٩).
(٥) في (ع): يختم.
(٦) ص (٦٧٢).
(٧) في (ظ): في.
(٨) في كتابه الزهد (في الزوائد) ص (٤٢)، ح ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>