للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قلت: قوله: "تستنطف" أي ترمي، مأخوذ من نطف الماء أي قطر (١)، والنطفة: الماء الصافي قل أو كثر، والجمع: النطاف (٢): أي أن هذه الفتنة تقطر قتلاها في النار أي ترميهم فيها لاقتتالهم على الدنيا واتباع الشيطان والهوى، وقتلاها بدل من قوله: "العرب" هذا المعنى الذي ظهر لي في هذا، ولم أقف فيه على شيء لغيري والله أعلم.

و (٣) قوله: "اللسان فيها أشد من وقع السيف" أي بالكذب (٤) عند أئمة الجور ونقل الأخبار إليهم، فربما ينشأ عن ذلك من النهب والقتل والجلاء والمفاسد العظيمة أكثر مما ينشأ من وقوع الفتنة نفسها والله أعلم.

وفي الصحيحين (٥) عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ينزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب"، وفي رواية عنه: قال: قال رسول الله : "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب"، لفظ مسلم (٦).

وقد روي "أن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا" (٧).

فقوله: "من سخط الله"، أي مما يسخط الله، وذلك بأن يكون كذبة، أو نميمة، أو بهتانًا أو فحشًا أو باطلًا يضحك به الناس، كما جاء (٨) عن النبي


(١) هكذا في (ع، ظ) أي قطر، وفي الأصل بياض، والذي يظهر أن بالكلمة حرف ساقط وتقديره: أي قطره.
(٢) في (ظ): أنطاق.
(٣) (الواو): ليست في (ظ).
(٤) في (ظ): في الكذب.
(٥) مسلم واللفظ له ٤/ ٢٢٩٠، ح ٢٩٨٨؛ البخاري ٥/ ٢٣٧٧، ح ٦١١٢.
(٦) في صحيحه ٤/ ٢٢٩٠، ح ٢٩٨٨.
(٧) أخرج نحوه البخاري في صحيحه ٥/ ٢٣٧٧، ح ٦١١٣، ومالك في الموطأ ٢/ ٩٨٥، ح ١٧٨٢؛ وأحمد في المسند ٢/ ٣٣٤، ح ٨٣٩٢.
(٨) في (ع): قد جاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>