للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْدِيهِمْ﴾ أي بالعذاب ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ إلى قوله: ﴿تَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الأنعام: ٩٣]، وقد زادت السنة هذا النوع بيانًا على ما يأتي (١).

[فصل]

إن قال قائل: كيف الجمع بين هذه الآي، وكيف يقبض ملك الموت في زمن واحد أرواح من يموت بالمشرق والمغرب؟ قيل له: اعلم أن التوفي مأخوذ من توفيت الدين واستوفيته إذا قبضته ولم تدع منه شيئًا، فتارة يضاف إلى ملك الموت لمباشرته ذلك، وتارة إلى أعوانه من الملائكة؛ لأنهم قد يتولون (٢) ذلك أيضًا، وتارة إلى الله تعالى وهو المتوفي على الحقيقة كما قال الله (٣) ﷿: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ (٤) [الزمر: ٤٢]، وقال: ﴿وَهُوَ (٥) الَّذِي أَحْيَاكُمْ (٦) ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [الحج: ٦٦]، وقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ﴾ [الملك: ٢]، فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما يفعل بأمره.

قال الكلبي (٧): يقبض ملك الموت الروح والجسد ثم يُسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمنًا وإلى ملائكة العذاب إن كان كافرًا (٨). وهذا المعنى منصوص في حديث البراء وسيأتي (٩).

وفي الخبر (١٠) عن النبي : "أن ملك الموت ليهيب بالأرواح كما يهيب أحدكم بفلوه أو فصيله ألا هلُمَّ ألا هلُمَّ"، يهيب: يدعو، يقال: أهاب


(١) انظر الفصل التالي.
(٢) في (الأصل): يتناولون والتصويب من (ع، ظ).
(٣) لفظ الجلالة ليس في (ع، ظ).
(٤) في (ظ): زيادة: ﴿وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾.
(٥) في (الأصل): و (ع): هو، وتصويبها من المصحف و (ظ).
(٦) في جميع النسخ بما فيها المسودة: يحييكم، وتصويبها من المصحف.
(٧) أبو النضر محمد بن السائب بن بشر الكلبي، الأخباري المفسر، توفي سنة ١٤٦ هـ، سير أعلام النبلاء ٦/ ٢٤٨.
(٨) لم أقف على توثيق لقوله.
(٩) انظر: ص (٣٥٢).
(١٠) لم أجد هذا الخبر عند غير المؤلف، حيث أورده في تفسيره ٧/ ٧ فقرة ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>