للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث مذهب المؤلف العقدي والفقهي]

وقع لي شيءٌ من الحيرة في بداية جمعي لنصوصٍ من كتب المؤلف يمكن من خلالها التعرف على معتقده، خاصة في باب الأسماء والصفات.

فكنت أقف على نصوص تدل على علم القرطبي التام بمذهب السلف في باب الأسماء والصفات، بل كنت أفهم من بعضها أنه منابذ لعقائد من خالفهم، وفي بعضها الآخر أنه على مذهب مؤوِّلة نصوص الصفات.

فمن أمثلة النوع الأول: عقده بابًا في كتابه الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (١) على النحو التالي: "باب ما جاء من الآيات والأخبار في إثبات الصفات من الوجه والعين والجنب والقدم والساعد والأصابع واليدين"، ثم قال بعد ذلك: "قال أئمتنا رضوان الله عليهم: هذه صفات طريق إثباتها السمع، فنثبتها لورود ما صح من ذلك، ولا نكيفها، والكلام في هذه الصفات فرع عن الكلام في الذات".

وقال في موضع آخر من كتابه الأسنى (٢): "وروى مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا: أمروها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا تشبيه، وقد ذكر الله في غير موضع من كتابه: اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله تعالى لم يخلق آدم بيده، وقالوا: معنى اليد ها هنا القدرة، وقال


(١) ٢/ ١٩.
(٢) ٢/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>