للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق بن إبراهيم (١): إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو مثل سمع، وأما إذا قال: لله يد وسمع وبصر ولا يقول: كيد أو مثل سمع فهذا لا يكون تشبيهًا" ا. هـ.

ويقول في تفسيره (٢): "وقد كان السلف الأول لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله، ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء؛ فإنه لا تعلم حقيقته، قال مالك : الاستواء معلوم، يعني في اللغة، والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة . وهذا القدر كافٍ، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء" ا. هـ.

بل نجده يرد على المتكلمين صراحة في ما ذهبوا إليه في أول ما يجب على المكلف (٣) حيث يقول: "وقد اختلف العلماء في أول الواجبات: هل هو النظر والاستدلال، أو الإيمان الذي هو التصديق الحاصل في القلب الذي ليس من شرط صحته المعرفة؟ فذهب القاضي (٤) وغيره إلى أن أوّل الواجبات النظر والاستدلال؛ لأن الله لا يُعلم ضرورةً وإنما يعلم بالنظر والاستدلال بالأدلة التي نصبها لمعرفته، وقد استدل الباجي (٥) على من قال: إن النظر والاستدلال أول الواجبات بإجماع المسلمين في جميع الأعصار على


(١) إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه، الإمام الكبير، سيد الحفاظ، أبو يعقوب، حدث عنه البخاري ومسلم، وأصحاب السنن، وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهما من أقرانه، توفي سنة ثلاث وستين ومائتين ٢٦٣ هـ، أعلام النبلاء للذهبي ١١/ ٣٥٨.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٧/ ١٤٠ - ١٤١ فقرة رقم ٢١٩.
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٢١٠ - ٢١١ باختصار.
(٤) هو القاضي أبو بكر، محمد بن الطيب، ابن الباقلاني، البغدادي، الأصولي، توفي سنة ٤٠٣ هـ، سير أعلام النبلاء ١٧/ ١٩٠.
(٥) أبو الوليد، سليمان بن خلف بن سعد، القرطبي، الباجي، صاحب التصانيف منها: "مختصر المختصر في مسائل المدونة" وكتاب "التسديد في معرفة التوحيد" وكتاب "الإشارة في أصول الفقه" وغير ذلك توفي سنة ٤٧٤ هـ، انظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ٥٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>