للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٨٢] دخل في الجملة الإنس والجن، فثبت للجن من وعد الجنة بعموم الآية ما ثبت للإنس. وقال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (١٨)[الأحقاف: ١٨]، ثم قال: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ [الأنعام: ١٣٢]، وإنما أراد: ولكل من الجن والإنس، فقد ذكروا في الوعد والوعيد مع الإنس وأخبر تعالى أن الجن يسألون، فقال خبرًا عما يقال لهم: ? ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٠] الآية (١). وهذا سؤال، وإذا ثبت بعض السؤال ثبت كله، وقد تقدم (٢) هذا، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ إلى قوله (٣): ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الأحقاف: ٢٩ - ٣٢]، وهذا يدل صريحًا على أن حكمهم في الآخرة كالمؤمنين، وقال حكاية عنهم: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ﴾ [الجن: ١٤] الآيتين، ولما جعل النبي (٤) زادهم (٥) كل عظم وعلف دوابهم كل روثة قال: "فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم" (٦)، فجعلهم إخواننا، وإذا كان كذلك فحكمهم حكمنا في الآخرة سواء، والله أعلم. وقد تقدمت (٧) الإشارة إلى هذا في باب ما جاء أن الله يكلم العبد ليس بينه وبينه ترجمان.

[فصل]

قوله (٨): "فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله"، ليست هذه شهادة التوحيد؛ لأن من شأن الميزان أن يوضع في


(١) كلمة (الآية): ليست في (ع).
(٢) ص (٦٣٧).
(٣) في (ع): جاء إكمال الآيات كتابة من غير اختصار.
(٤) في (ع، ظ): رسول الله.
(٥) في (ظ): أن زادهم.
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه ١/ ٣٣٢، ح ٤٥٠.
(٧) ص (٦٣٦).
(٨) في (ع): قوله في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>