للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعبد إلى الجنة وأُمر بسيده إلى النار، فيقول عند ذلك: واحسرتاه واغبناه، أما عبدي، أما كنت مالكًا لمهجته وماله، وقادرًا على جميع ماله، فما له سعد وما لي شقيت؟ فيناديه الملك الموكل به: لأنه تأدب وما تأدبت، وأحسن وأسأت، ورجل كسب مالًا فعصى الله تعالى في جمعه ومنعه ولم يقدمه بين يديه حتى صار إلى وارثه فأحسن في إنفاقه وأطاع الله سبحانه في إخراجه وقدمه بين يديه، فإذا كان يوم القيامة أمر بالوارث إلى الجنة، وأمر بصاحب المال إلى النار، فيقول: يا (١) حسرتاه واغبناه، أما هذا مالي فما أحسنت (٢) به أحوالي وأعمالي فيناديه الملك الموكل به: لأنه أطاع الله وما أطعت وأنفق لوجهه وما أنفقت، فسعد وشقيت، ورجل علّم قومًا ووعظهم فعملوا بقوله ولم يعمل، فإذا كان يوم القيامة أمر بهم إلى الجنة وأمر به إلى النار، فيقول: يا (٣) حسرتاه واغبناه، أما هذا علمي فما لهم فازوا به وما فزت؟ وسلموا به وما سلمت؟ فيناديه الملك الموكل به: لأنهم عملوا بما قلت وما عملت، فسعدوا وشقيت، ذكره أبو الفرج [بن] (٤) الجوزي رحمه الله تعالى.

[فصل]

قال إبراهيم النخعي (٥): إني لأكره القصص لثلاث آيات وقوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية [البقرة: ٤٤]، وقوله تعالى: ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)[الصف: ٢ - ٣]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ [هود: ٨٨].

قلت: وألفاظ هذه الآيات تدل مع ما ذكرناه من الأحاديث على أن عقوبة من كان عالمًا بالمعروف وبالمنكر وبوجوب القيام بوظيفة كل واحد منهما أشد ممن لم يعلمه، وإنما ذلك؛ لأنه كالمستهين (٦) بحرمات الله


(١) في (ع، ظ): وا.
(٢) في (ع، ظ): حسنت.
(٣) في (ع): وا.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ظ).
(٥) ذكر قوله ابن كثير في تفسيره ١/ ٨٧.
(٦) في (الأصل): كالممتهن، والتصويب من (ع، ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>