للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى أبو الزبير (١) أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا (٢)، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لهذه الأمة"، خرّجه مسلم (٣).

فعيسى إنما ينزل مقررًا لهذه الشريعة ومجددًا لها إذ هي آخر الشرائع ومحمد آخر الرسل، [فينزل حكمًا مقسطًا، وإذا صار حكمًا فإنه لا سلطان يومئذٍ للمسلمين ولا إمام ولا قاضي ولا مفتي قد قبض الله العلم، وخلا الناس منه، فينزل وقد علم بأمر الله تعالى في السماء قبل أن ينزل ما يحتاج إليه في علم هذه الشريعة للحكم بحكمه بين الناس (٤)، والعمل به في نفسه، فيجتمع المؤمنون عند ذلك إليه، ويحكمونه على أنفسهم إذ لا أحد يصلح لذلك غيره؛ ولأن تعطيل الحكم غير جائز] (٥).

وأيضًا فإن بقاء الدنيا إنما يكون بمقتضى التكليف إلا أن لا يقال في الأرض: الله الله على ما يأتي (٦) وهذا واضح.

[[فصل]]

فإن قيل: فما الحكمة في نزوله في ذلك الوقت دون غيره؟

فالجواب (٧) من ثلاثة أوجه أحدها: يحتمل أن يكون ذلك لأن اليهود همَّت بقتله وصلبه، وجرى أمرهم معه (٨) على ما بينه الله تعالى في كتابه، وهم


(١) هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم، أبو الزبير المكي، روى عن العبادلة الأربعة، وعن عائشة وجابر وأبي الطفيل وسعيد بن جبير، وغيرهم، مات سنة ١٢٨ هـ، انظر: تهذيب التهذيب ٩/ ٣٩٠؛ وسير أعلام النبلاء ٥/ ٣٨٠.
(٢) في (الأصل): بنا، وما أثبته من (ع، ظ، ومسلم).
(٣) في (ع، ظ): خرجه مسلم في صحيحه وغيره، وهو في صحيح مسلم ١/ ١٣٧، ح ١٥٦.
(٤) في (ظ): للحكم بينه وبين الناس.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٦) ص (١٣٥١).
(٧) في (ظ): فالجواب عنه.
(٨) في (ظ): أمرهم معهم، ولا يستقيم بها الكلام، وما أثبته من (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>