للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبدًا يدّعون أنهم قتلوه وينسبونه من السحر وغيره إلى ما كان الله تعالى برأه ونزهه منه، وقد ضرب الله عليهم الذلة فلم تقم لهم منذ أعز الله الإسلام وأظهره (١) راية، ولا كان لهم في بقعة من بقاع الأرض سلطان ولا قوة ولا شوكة، ولا يزالون كذلك (٢) حتى تقرب الساعة؛ فيظهر الدجال (٣) فهو أسحر السحرة ويبايعه (٤) اليهود فيكونون يومئذ جنده مقدرين أنهم ينتقمون من المسلمين، فإذا صار أمرهم إلى هذا أنزل الله تعالى الذي عندهم أنهم قد قتلوه وبرز لهم (٥) ولغيرهم من المنافقين والمخالفين حيًا، ونصره على رأسهم وكبيرهم المدعي للربوبية فقتله، وهزم جنده من اليهود بمن معه من المؤمنين فلا يجدون يومئذٍ مهربًا وإن توارى أحد منهم بشجرة أو حجر أو جدار ناداه يا روح الله هاهنا يهودي حتى يوقف عليه، فإما أن يُسلم وإما أن يقتل، وكذا (٦) كل كافر من كل صنف حتى لا يبقى على وجه (٧) الأرض كافر.

والوجه الثاني: هو (٨) أنه يحتمل أن يكون إنزاله لدنو أجله لا لقتال الدجال؛ لأنه لا ينبغي لمخلوق من التراب أن يموت في السماء لكن أمره جري على ما قال الله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: ٥٥]، فينزله الله تعالى ليقره في الأرض مدة يراه فيها من يقرب منه، ويسمع به من نأى عنه، ثم يقبضه فيتولى المؤمنون أمره، ويصلون


(١) في (ظ) وأظهر.
(٢) قال ابن كثير في تفسيره ١/ ٣٩٧: ألزمهم الله الذلة والصغار أينما كانوا فلا يؤمنون ﴿بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ﴾ أي بذمة من الله: وهو عقد الذمة لهم وضرب الجزية عليهم وإلزامهم أحكام الملة ﴿وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ أي أمان منهم لهم كما في المهادن والمعاهد والأسير إذا أمنه واحد من المسلمين، قلت: أو أمنهم بعض الكفار في زمن ضعف المسلمين كما هو الحال في زماننا هذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(٣) (الدجال): ليست في (ظ).
(٤) في (ع): ويبايعونه، وما أثبته من (ظ).
(٥) في (ظ): وأبرزه لهم.
(٦) في (ظ): وكذلك.
(٧) (وجه): ليست في (ظ).
(٨) في (ظ): وهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>