للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل] (١)

وقوله: "أمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوَّة"، قد يقال هنا: أي حاجة في الجنة للأمشاط ولا تتلبد شعورهم ولا تتسخ، وأي حاجة للبخور وريحهم أطيب من المسك؟ ويجاب عن ذلك بأن نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع ولا شربهم عن ظمأ ولا تطييبهم (٢) عن نتن، وإنما هو لذَّات متوالية ونعم متتابعة، ألا ترى قوله تعالى لآدم: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)[طه: ١١٨ - ١١٩].

وحكمة ذلك: أن الله تعالى نعمهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به (٣) في الدنيا، وزادهم على ذلك ما لا يعلمه إلا الله.

قلت: وقد جاء مثل هذا في أهل النار، حيث قال تعالى: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١)[غافر: ٧١] وقال: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾ [المزمل: ١٢]، فعذبهم في النار (٤) بنوع ما كانوا يعذبون به في الدنيا.

قال الشعبي: أترون أن الله تعالى جعل الأنكال في أرجل أهل النار خشية أن يهربوا؟ لا والله، ولكنهم إذا أرادوا أن يرتفعوا استثقلت بهم.

ابن المبارك (٥): أخبرنا سعيد بن أبي أيوب قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: "لسان أهل الجنة عربي".

قلت: ولسانهم إذا خرجوا من القبور سرياني، وقد تقدم (٦).

وقال سفيان: بلغنا أن الناس يتكلمون يوم القيامة قبل أن يدخلوا الجنة بالسريانية، فإذا دخلوا الجنة تكلموا بالعربية.


(١) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٢) في (الأصل): تطييبهن، وما أثبته من (ع، ظ) لمناسبته لضمائر قبله.
(٣) في (ع، ظ): أن الله تعالى عرفهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به.
(٤) (في النار): ليست في (ظ).
(٥) في الزهد (الزوائد) ص (٧١)، ح ٢٤٥.
(٦) ص (٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>