للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا لتلك الصفيحة والفرس الذي تحته، حتى إذا لحقه لم يلبث أن ضربه ضربة كانت فيها نفسه، فتناول الصفيحة وغار الفرس فلم يقدر عليه، ولا يبصر الناس بعضهم بعضًا من شدة الظلمة فتراجع أهل العراق إلى عسكرهم والخيل لا تطأ إلا على القتلى، وأصبح الناس وقد فقد من أهل العراق ثلاثة وسبعون رجلًا، وقتل من أهل الشام سبعون ألفًا، وقد قال الشاعر فيهم:

فتعشوا منهم بسبعين ألفًا … أو يزيدون قبل وقت العشاء

فلما أصبح وجد الأمير الفرس رده عليه رجل كان أخذه، ولما علم أن الذي قُتِل هو عبيد الله بن زياد كبّر، وخرّ ساجدًا، وقال: الحمد لله الذي أجرى قتله على يدي، فبعث به إلى المختار زيادة على سبعين ألف رأس في أولها بِشر رؤوس أهل الفساد عبيد الله المنسوب إلى زياد.

قال الشيخ : نقلت هذا (١) من كتاب مرج البحرين في فوائد المشرقين والمغربين، للحافظ الإمام أبي الخطاب بن دحية.

[فصل]

ومثل صنيع عبيد الله بن زياد صنع قبله بُسْر بن أرطأة (٢) العامري الذي هتك الإسلام فسفك الدم الحرام، وأذاق الناس الموت الزؤام، ولم يرع لرسول الله الذمام، فقتل أهل بيته الكرام، وحكّم في مفارقهم الحسام، وعجَّل لهم الحِمام (٣)، ذبح ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وهما


(١) في (ظ): هذا الباب.
(٢) جاء في نسخة (ع، ظ) في كل المواضع بشر، بالشين، وهو تصحيف، والتصويب من الاستيعاب لابن عبد البر، والطبقات لابن خياط ١/ ٢٧؛ وتاريخ بغداد ١/ ٢١١، وقال ابن حجر: بُسْر بضم أوله ثم مهملة ساكنة، انظر: تقريب التهذيب ١/ ١٢١ رقم ٦٦٣، أبو عبد الرحمن القرشي العامري، كان شجاعًا فاتكًا، قتل قُثَمَ وعبد الرحمن ابني عبيد الله بن عباس فتولهت أمهما عليهما، وقيل: قتل جماعة من أصحاب على ، بقي إلى حدود سنة سبعين، السير ٣/ ٤٠٩.
(٣) الأجل محدود، لا يستعجله فعل فاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>