للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يحتمل أن يكون كل عين عليها ظفرة؛ فإن في حديث حذيفة: "وإن الدجال ممسوخ العين عليها ظفرة غليظة"، وإذا كانت الممسوخة المطموسة عليها ظفرة، فالتي ليست كذلك أولى فتتفق الأحاديث، والله أعلم.

[وقيل في الظفرة: إنها لحمة تنبت عند الماء أي كالعلقة، وقيده بعض الرواة بضم الظاء وسكون الفاء، وليس بشيء، قاله السيد بن دحية ] (١).

[فصل]

الإيمان بالدجال وخروجه (٢) حق، "وهذا مذهب أهل السنة وعامة أهل الفقه والحديث خلافًا لمن أنكر أمره من الخوارج وبعض المعتزلة (٣)، ووافقنا على إثباته بعض الجهمية وغيرهم، لكن زعموا أن ما عنده مخارق وحيل، قالوا: لأنها لو كانت أمورًا صحيحة لكان ذلك إلباسًا للكاذب بالصادق، وحينئذ لا يكون فرق بين النبي والمتنبئ. وهذا هذيان لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه؛ فإن هذا إنما كان يلزم لو أن الدجال يدعي النبوة وليس كذلك، فإنه إنما ادعى الإلهية، ولهذا قال : "إن الله ﷿ ليس بأعور" تنبيهًا للعقول على فقره وحدثه ونقصه وإن كان عظيمًا في خلقه، ثم قال: "بين عينيه (٤) كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب". وهذا أمر مشاهد للحس يشهد بكذبه وكفره" (٥).

"وقد تأول بعض الناس: مكتوب بين عينيه كافر فقال: معنى ذلك ما ثبت من سمات حدثه وشواهد عجزه وظهور نقصه، قال: لو كان على ظاهره وحقيقته لاستوى في إدراك ذلك المؤمن والكافر. وهذا عدول وتحريف عن حقيقة الحديث من غير موجب لذلك، وما ذكره من لزوم المساواة بين المؤمن والكافر في قراءة ذلك لا يلزم؛ لأن الله تعالى يمنع الكافر من إدراكه


(١) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٢) في (ظ): الإيمان بخروج الدجال.
(٣) انظر: الفصل في الملل لابن حزم ١/ ٨٩.
(٤) في (ع، ظ): مكتوب بين عينيه.
(٥) هذا نص كلام أبي العباس القرطبي يسير في المصنف، انظر: المفهم ٧/ ٢٦٧ - ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>