للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث الحالة العلمية في عصر المؤلف وأثرها عليه]

اتسم عصر الموحدين الذي عاش المؤلف فيه بداية حياته العلمية في قرطبة بالاهتمام بالعلوم والآداب، والحض عليها من قبل مؤسس دولة الموحدين محمد بن تومرت (١) الذي بدأ حياته بطلب العلم كما سبق ذكره (٢)، فازدهرت الحركة العلمية في بلاد الأندلس عامة وفي قرطبة خاصة حتى قال أحد المؤرخين يصف الحركة العلمية في قرطبة: "حضرت قرطبة منذ افتتحت الجزيرة فكانت منتهى الغاية، ومركز الراية، وقرارة أولي الفضل والتقى، ووطن أولي العلم والنهى، وقلب الإقليم، وينبوع متفجر العلوم، ودار صوب العقول، وبستان ثمر الخواطر، وبحر درر القرائح، ومن أُفُقِها طلعت نجوم الأرض (٣)، وأعلام العصر، وفرسان النظم والنثر. بها أنشئت التأليفات الرائعة، وصنفت التصنيفات الفائقة، والسبب في تبريز القوم حديثًا وقديمًا على من سواهم أن أُفُقَهُم القرطبي لم يشتمل قط إلا على البحث والطلب لأنواع العلم والأدب" (٤).

بل عَظُم أمر قرطبة جدًّا من الناحية العلمية حتى كان عمل أهلها حجة عند بعض أهل المغرب، حتى إنهم يقولون في الأحكام: هذا مما جرى به عمل أهل قرطبة، وإن كان في المسألة نزاع بين أهل العلم منهم فيها (٥).


(١) انظر: دولة الإسلام في الأندلس القسم الثاني ص (٦٤٥).
(٢) انظر: ص (١٣).
(٣) هذا لا يعني أن غير أفق قرطبة لم يخرج منه نجوم، فالآفاق مليئة بالعلماء، والحمد لله.
(٤) نفح الطيب ١/ ٤٦١ باختصار.
(٥) انظر: نفح الطيب ٢/ ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>