للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عملت فيما علمت؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين (١)؟ يا ابن آدم ألم أكن رقيبًا على عينيك وأنت تنظر بها إلى ما لا يحل لك؟ ألم أكن رقيبًا على أذنك؟ وهكذا عن سائر الأعضاء، فكيف ترى حياءك وخجلك وهو يعد عليك إنعامه ومعاصيك، وأياديه ومساويك، فإن أنكرت شهدت عليك جوارحك، فنعوذ بالله من الافتضاح على ملأ الخلق بشهادة الأعضاء، إلا أن الله ﷿ وعد المؤمن أن يستر عليه، ولا يطلع عليه غيره كما ذكرناه، وذلك تفضل منه، وهل (٢) يكلم الكفار عند المحاسبة لهم؟ فيه خلاف تقدم (٣) بيانه في أسماء القيامة، ويأتي (٤) أيضًا في باب ما جاء في شهادة أركان الكافر والمنافق عليهما ولقائهما الله ﷿ مستوفى إن شاء الله تعالى.

[فصل]

فإن قيل: أخبر الله تعالى عن الناس أنهم مجزون (٥) ومحاسبون، وأخبر أنه يملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين، ولم يخبر عن ثواب الجن ولا عن حسابهم بشيء، فما القول في ذلك عندكم؟ وهل يكلمهم الله؟

فالجواب: أن الله تعالى أخبر أن الجن والإنس يسألون، فقال خبرًا (٦) عما يقول (٧) لهم: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٠] الآية، وهذا سؤال، وإذا ثبت بعض السؤال ثبت، كله ولما كانت الجن ممن تخاطب وتعقل قال: "منكم"، وإن كانت الرسل من الإنس وغلب الإنس في الخطاب كما يغلب المذكر على المؤنث.


(١) إلى هنا أخرجه الطبراني في الكبير ٩/ ١٨٢، ح ٨٨٩٩؛ قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير موقوفًا ورجال الكبير رجال الصحيح غير شريك بن عبد الله فهو ثقة، وفيه ضعف، مجمع الزوائد ١٠/ ٣٤٧.
(٢) (وهل): ليست في (ظ)، وتصحفت في (ع) إلى: وهو.
(٣) ص (٥٦٣).
(٤) ص (٦٧٢).
(٥) في: (ع، ظ): مجزيون.
(٦) في (الأصل): خبرنا، وفي (ظ): أخبرنا، والتصويب من (ع).
(٧) في (ظ): يقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>